للعلاقات بين أي دولتين مستويات مختلفة، لكن عند قيام المناورات العسكرية المشتركة بينهما فهذا يتجاوز المستوى العادي الى تكامل في الرؤى السياسية والعسكرية. وتمرين الدرع الأزرق1 الجوي السعودي السوداني المشترك الذي انتهى للتو هو الأول من نوعه بين المملكة والسودان، ولا يمكن بأية حال فصل سياق هذا التمرين وتوقيته المهم عن مسار عمليات عاصفة الحزم وظروفها. بل إن هذا التمرين الجوي يحمل رسائل كثيرة وفي اتجاهات مختلفة بالمنطقة وللجميع حرية تفسيره كما يشاء، فهو تمرين مهم جداً وخاصة للسودان الشقيق، فللمرة الأولى يناور سلاح الجو السوداني بطائراته الشرقية مع قوات جوية أخرى مختلفة التسليح، غربية المنشأ بتقنياتها عالية المستوى ولديها امكانات قتالية كبيرة والمقصود هنا قواتنا الجوية الملكية السعودية. وبعيداً عن تفاصيل هذا التمرين الجوي ونجاحه الكبير والتفاعل الإيجابي لحكومة وشعب السودان معه، فإن السودان العربي الأصيل ربما لا يعلم الكثير من شباب دول مجلس التعاون الخليجي واليمن أنه من أقرب الشعوب اليهم وأن تاريخ هذا البلد مرتبط بأرضنا في الجزيرة لعربية منذ ما قبل الإسلام، وهو من أول شعوب الأرض ترحيبا واستقبالاً لرسالة الإسلام التي حملها اليهم اجدادنا الصحابة والتابعين رضي الله عنهم جميعا، وبلال رضي الله عنه من ارضهم فالحبشة قديما لم تكن هي فقط دولة اثيوبيا الحالية، وهذا على الجانب التاريخي. والسودان أرض كريمة وغنية اكرمها الله بنهر النيل وبالمواسم الممطرة وبالتنوع الجغرافي والنباتي والحيواني الفريد، أما شعب هذا البلد فهو عروبي أصيل، صبور، لا يحمل الأضغان لأحد، وصحيح اننا نعرف بالتعامل الكثير من ابناء السودان داخل بلادنا، لكن الحقيقة أن إنسان السودان على ارضه شيء آخر فهو أكثر رقي وعلم ومعرفة مما يتصوره البعض، لقد زاملنا الكثير من العسكريين السودانيين داخل بلادنا وخارجها فوجدنا قامات عالية تحمل العلم والمعرفة، ملتزمة بثوابت الدين، يمتازون بثقافة اسلامية عربية مؤصلة في نفوسهم فيظهر ذلك جلياً على سلوكهم وأدبهم الجم، واحترامهم للناس. نحن نظلم اشقاءنا اهل السودان اذا لم نتعرف على مدى طيبتهم وعلو شهامتهم، وقوة بأسهم، وعمق تاريخهم ونبلهم، وفوق ذلك كله صبرهم الطويل، نظلمهم كذلك اذا لم نعلم انهم يكنون للسعودية وشعبها وارضها ومقدساتها حباً قد لا يبلغه غيرهم. أما الجندي السوداني فهو يجعلك تتذكر اخلاق الجندي المسلم المعتز بدينه الوفي لعروبته. ولمن لا يعلم فالجيش السوداني يُصنف بأنه الرابع في المنطقة، وبغض النظر عن التصنيفات فالجيش السوداني يخوض حروب طويلة ومريرة منذ نصف قرن تقريبا ولا يزال، ومع الأسف أن قليل من اخوانه العرب هم من وقف معه. المقاتل السوداني شديد المراس قوي الثبات، يتحمل اقسى الظروف. وارجو من القارىء الكريم الإعتراف لهذا الشعب العربي الشقيق ولجيشه بهذه الصفات، فهي ليست مجاملة لأنهم حلفاءنا في عاصفة الحزم، بل هي الحقيقة والتاريخ يشهد بذلك، ومواقف اهل السودان مشرفة مع كل العرب ليس الآن فقط، بل منذ أن وطأت اقدام الصحابة ارض افريقيا. ولدي من المبررات والشواهد قديماً وحديثاً ما يجعلني اقول أن شعب السودان هو أكثر الشعوب العربية في قارة افريقيا أصالة وشهامة وثبات في المواقف ومن أفضلهم محافظة على أسس الاسلام وتعاليمه، وفي كلٍ خير لكن الواقع لا يمكن إنكاره. هذا البلد العربي الكريم هو أقدم الدول العربية والإفريقية في مجال القضاء والقوانين العدلية وفي مجالات أخرى فكرية وسياسية واجتماعية. وحينما نمتدح السودان وأرضه وشعبه وجيشه فَيُصَدِق ذلك قوة انتماءه لأمته وقضاياها وتضامنه مع اشقاءه، بل واتخاذه لمواقف سيحفظها التاريخ من بعدنا ويقول إن كتائب مقاتلة من السودان عبرت البحر صوب جنوب الجزيرة العربية للتضامن والتحالف مع اشقاءها العرب، وسيدون التاريخ كذلك ان حكومة السودان طردت في رابعة النهار المخربين المشعوذين التابعين للثورة الارهابية في ايران بعد أن اتضح لها خُبث نواياهم، كل هذا فعله السودان وشعبه الأصيل وفاءً وتضامناً مع اخوانهم العرب في الجزيرة العربية بخليجها التي هي ارضهم وقبلتهم. إن الإعلام العربي برسمه لصور نمطية لا يزال يظلم السودان، أما الإعلام الأجنبي ومنظماته فهم يهاجمونه دوماً وبلا هوادة، ومع ذلك لم يتحامل هذا الإنسان العربي السوداني الوقور على اشقاءه يوما، ولم يستسلم لأعدائه أو يتزحزح قيد أنملة مع انهم اشعلوا فيه الحرائق لتقسيمه وقد فعلوا. سنبقى نتذكر كتيبة الجيش السوداني المميزة في تمرين رعد الشمال التي حياها القادة بشكل خاص، ولكتائب السودان في عدن وضواحيها مواقف ستبقى في الاذهان شاهدة على أيام العرب وتحالفهم في عاصفة الحزم بقائدها ومخططها الملك سلمان بن عبدالعزيز. شكراً للسودان العربي.
التعليقات 2
2 pings
محمد الجـــــــابري
10/04/2017 في 7:48 ص[3] رابط التعليق
السودان الدولة العربيه الوحيدة التي اجتثت وكر المجوس واستبداله بمسجد عمر بن الخطاب رضي الله عنه واول من انضم للتحالف العربي والاسلامي ودرع الشمال اضافة الى اسناد المستثمرون العرب واتاحة الفرص والتسيهيلات اللا محدوده لكونها سلة الغذاء العربي الوحيده بالعالم العربي “شعوب الدول الخليجيه وشعب السودان على وفاق واتفاق في كل قضايا الامه منذ الازل الى الان”سيبقى البحر الاحمر وممراته المائيه امنه بتعاون بلادنا مع السودان وارض الكنانه ولن يجد اعداء الامه مؤطئ قدم وسيتمر ويتنامى التكامل والتعاون التجاري والانمائي والزراعي والامني وما نشاهده اليوم في “مناورات الدرع الازرق1” الاول الا دليل على عمق التعاون وتجذره واصالته بين القيادتين والشعبين لدولتينا “باركهما الله وعلى دروب النصر والعزه سائرون…….
تحياتي
(0)
(0)
محمد الاحمري
11/04/2017 في 12:59 م[3] رابط التعليق
?الدول العربية بينها روابط كثيرة ضيعها البعض.
?الدول العربية لديها قدرات انسانية وثقافية واقتصادية لم تستغل بالطريقة الصحيحة…
?الدول العربية اذا وحدت معتقداتها الدينية على منهج كتاب الله وسنة رسوله ثموحدت جهودها السياسية والإقتصادية والثقافية والإجتماعية فسيكون لها مكانة واحترام وهيبة بين دول العالم.
?هذه التمارين المشتركة هي بداية تصحيح المسار الذي نأمل ان نسمع عن تمارين مشتركة كثيرة بين الدول العربية والدول الصديقة للإستفادة منها في الدفاع عن الأوطان العربية من اي تهديد خارجي…ويصدق قول الشاعر :
تأبى العصي اذا اجتمعن تكسرا..واذا افترقنا تكسرت آحادا.
?واخيرا … من المحزن وقد تكون من الخيانة العربية ان نشاهد بعض الدول العربية تقوم بمناورات مشتركة مع بعض الدول المارقة ذات الاهداف التوسعية ضد الدول العربية او بعضها.
(0)
(0)