لقد ألهمت الكشافة طوال تاريخها الملايين من أعضائها لإحداث الفارق من خلال تطبيق مهاراتهم القيادية لخلق عالم أفضل ، وتقوم الكشافة ببعض المبادرات المدهشة والمذهلة، بدايةً من الأنشطة المجتمعية البسيطة إلى المشاريع واسعة النطاق مثل منع البلطجة في المدارس في المملكة المتحدة، ومساعدة أفراد عصابات الشوارع في السلفادور للحد من العنف، وتنظيف الساحات في تكساس، وزراعة ملايين الأشجار في جميع أنحاء أفريقيا. وفي بعض مناطق النزاع والصراعات الأكثر احتدامـًا في العالم مثل كشمير وفلسطين ورواندا ، وبوروندي وأيرلندا الشمالية وسوريا، حيث يمثل هذا غيض من فيض، فيأتي الكشافة معـًا في إطار من التعاون لمساعدة المجتمعات المحلية لإحداث الفارق، بالإضافة إلى كل هذا يتعاون الكشافة معـًا كجزء من حركة عالمية، لجعل العالم مكانـًا أكثر سلامـًا ، وبعد ملاحظة هذه الجهود المتميزة وهذا العمل الجاد، اتفق كل من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز – رحمه الله – ، وملك السويد الرئيس الفخري لصندوق التمويل الكشفي العالمي جلالة الملك كارل جوستاف، معـًا على الاعتراف بالكشافة “كرسل للسلام”. حيث يؤمن الملكين أن الجهود التي تقوم بها الكشافة تعتبر أمراً مثير للإعجاب، ويعتقدان أنه ينبغي تقدير تلك الجهود المميزة للكشافة نظراً لمساهمتها في نشر السلام العالمي، ويجب دعم الكشافة لبذل المزيد من الجهد في هذا الخصوص، فكان أن أطلقت اللجنة الكشفية العالمية مبادرة رسل السلام للكشافة العالمية في عام 2011، من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية ( كاوست ) في ثول ، واعلن حينها تبرع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – رحمه الله- بمبلغ 37 مليون دولار للمشروع على مدى عشر سنوات، ، حيث تهدف المبادرة إلى إلهام الملايين من الكشافة الذين يقومون بأعمال مذهلة في مجتمعاتهم المحلية لتعريف العالم بأسره بالمبادرة الجديدة، وبالتالي تحفيز الكشافة الآخرين على بذل المزيد من الجهد. ويعتبر أي مشروع كشفي يسفر عن تغيير إيجابي في المجتمع، سواء في مجال الصحة أو البيئة أو الأوضاع الاجتماعية أو الأمن والسلامة، أو يتناول حل الصراعات، واحد من مشروعات مبادرة “رسل السلام” ، كما يمكن للكشافة في جميع انحاء العالم عرض مباراتهم على موقع الكشافة العالمية (scout.org)
وتبادلها مع غيرهم من خلال منصات مواقع التواصل الاجتماعي،كما يمكن أن يلتقي الكشافة على الانترنت لتبادل الأفكار وسرد قصصهم والعمل معـًا لتحفيز بعضهم البعض ، وتتم إدارة الشبكة العالمية لرسل السلام من جانب متطوعين في الكشفية ومقرهم في كل إقليم وخدماتهم متاحة للجميع سواء الكشافة وغير الكشافة، الذين يقومون بإدارة مشاريع للخدمات المحلية ومشروعات للسلام.
ولإظهار حجم العمل وقدر الجهد الذي يتم بذله من خلال هذه المشاريع لمبادرة “رسل السلام”، فقد تم تجميع الوقت الذي يقضيه كل الكشافين في أحد المشروعات معـًا، وعلى هذا الأساس، عندما يقوم عشرة كشافين ببناء ملعب للأطفال، ويستغرقون في هذا العمل 20 ساعة لكل منهم، يتم تسجيل 200 ساعة من الخدمة على منصة البرنامج. وقد تم تسجيل أول ساعة من الخدمة في أكتوبر 2012، ومنذ ذلك الحين تزايدت عدد ساعات الخدمة المسجلة بمعدل ملحوظ يثير الحماس حيث بلغت حتى الآن أكثر من 761 مليون ساعة عمل وبانتظار تحدي مليار ساعة خلال الثلاث سنوات القادمة ، ويتم تمويل معظم المشاريع التي ينفذها الكشافة محليـًا، أو قد تكون هذه المشروعات بدون تكلفة مالية. ومع ذلك، في بعض الأحيان قد تكون هناك حاجة إلى دعم مالي من خلال تمويل لتنفيذ المشروع أو مساعدة مشروع صغير ليصبح أكبر.
وقد ذكر ملك السويد خلال مقابلته لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – في نوفمبر الماضي بالرياض أن برنامج رسل السلام قد الهم 23 مليون من كشافة العالم ، وقال ملك السويد في رسالة موجهة لخادم الحرمين الشريفين بعد نهاية موسم الحج 1438هـ وتهنئته بنجاحه أن هناك 50 مليون كشاف في 169 بلداَ يحيّونك يا خادم الحرمين الشريفين على هذه المبادرة ، ولتكون تلك المبادرة واحدة من مبادرات المملكة العديدة كدولة راعية للسلام .