عادت توصية إنشاء “سجل وطني” للأمراض الوراثية إلى السطح الطبي مرة أخرى كإحدى أهم توصيات الورشة السادسة عشر التي عقدت تحت عنوان “الفحص المبكر للمواليد” ونظمتها الجمعية السعودية للطب الوراثي في محافظة بريدة بالتعاون مع الشئون الصحية بمنطقة القصيم وبحضور أكثر من (160) ما بين أطباء الوراثة وفنيي المختبر ومنسقين ومرشدين وراثيين وأخصائيي التغذية . وتأتي هذه التوصية بالنظر إلى حاجتها في توحيد الإحصاءات الدقيقة ، والتي على أساسها تبنى الاستراتيجيات الوطنية الواضحة ، وبالتالي دقة المعايير المستخدمة في فحوصات الأمراض الوراثية والترشيد المالي . كما تأتي هذه الورشة ضمن سعي الجمعية لمواجهة انتشار الأمراض الوراثية في ظل التهاون في الإجراءات الوقائية من قبل المجتمع بالذات بعد الفحوصات الزواجية غير المتوافقة، حيث جددت الجمعية دعوتها لضرورة الالتزام بنتائج فحص الزواج ، وإيقاف اتمام الزواج الذي تكون نتيجته غير متوافقة ، وبالذات زواج الأقارب ، وعاودت مطالبتها المجتمع وأولياء الأمور والشباب والفتيات بوقفة اجتماعية جادة نحو الإيمان بنتائج الفحص الطبي قبل الزواج والالتزام بها.
ونوه رئيس الجمعية الدكتور زهير رهبيني استشاري طب الاطفال والطب الوراثي بنجاح الورشة وتعاون الزملاء بالقصيم وما خرجت به الورشة من توصيات للوقوف على ازدياد الأمراض الوراثية في المملكة ومواكبة الجهود التي تبذلها حكومة خادم الحرمين الشريفين ـ حفظها الله ـ ودعمها لقطاع الوراثة والحد من ارتفاع الأمراض الوراثية ، مشيراً إلى أن الجمعية قادرة على تحقيقها بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة .
وأوضح “رهبيني” أن الورشة أوصت بالمحافظة على نجاح برنامج الفحص المبكر للمواليد والذي أقر بمرسوم ملكي عام 2005 م ، لفحص 17 مرض وراثي لأي مولود من أمراض التمثيل الغذائي وقصور الغدد الصماء كقصور إفراز الغدة الدرقية والغدة فوق الكلوية ، وتوفير الاجهزة اللازمة لتشخيص بعض أمراض التمثيل الغذائي في المستشفيات الصغيرة والمتوسطة لإجراء التدخلات المبكرة وحماية المرضى من أي مضاعفات جانبية . وتوفير الأدوية المهمة لعلاج الاعراض الحادة في تلك المستشفيات حتى يمكن التدخل المبكر قبل نقل المريض الى مستشفى مرجعي وذلك مثل الأدوية المهمة لعلاج ارتفاع الامونيا أو بعض الأحماض العضوية. كما دعت الورشة إلى تعيين منسقين متميزين لمتابعة ارسال العينات الى المختبرات المركزية لعمل الفحص المبكر ومتابعة النتائج بأسرع ما يمكن حتى يتم التدخل المبكر بنجاح في حالة قدوم أي مولود مصاب .
ونوهت الورشة إلى أهمية الدور الإعلامي في زيادة التوعية بهذه الأمراض الوراثية لمعرفة طبيعة هذه الأمراض وطبيعة الفحص المبكر وفائدته للناس وكيف يمكن مساعدة المريض للتدخل العلاجي وغيرها من الأمور الطبية الاخرى التي ينبغي التعرف عليها، مؤكدة على أهمية ايجاد سجل طبي موحد للمريض لمتابعة علاجه من أي مكان داخل المملكة. وكذلك زيادة ورش العمل والمؤتمرات والتي تخص البرنامج لرفع المستوى العلمي للمتخصصين والمهتمين بهذا المجال . كما دعت التوصيات إلى بذل الجهود المستمرة لتحسين البرنامج وزيادة كفاءة العاملين المختصين ، وتوفير الفرص التدريبية والتعليمية لهم، ووضع مواصفات ومؤشرات للجودة في للفحص المخبري لهذه الأمراض والتأكد من المرض بصورة تامة قبل ان يتم الحديث مع عائلة المريض والبدء في علاجه . واختتمت التوصيات بضرورة ربط نتيجة الفحص المبكر للمواليد بتسليم الأب شهادة تبليغ الولادة ، خاصة في ظل صعوبة التواصل مع أولياء الأمور بعد خروجهم من المستشفى أو لعدم وجود هواتف أو معلومات في سجل المريض .
يذكر أن هذه الورش التي تواصل الجمعية السعودية للطب الوراثي عقدها تسعى إلى توحيد الجهود الطبية ، وتعزيز الدراسات والأبحاث العلمية المتخصصة في علم الطب الوراثي واستعراض أحدث الطرق في التشخيص الجيني ، وأحدث الطرق العلاجية الحديثة للأمراض الوراثية والطفرات الجينية. إضافة إلى الإرشاد والتوجيه المتعلق بالأمراض الوراثية.