في الازمات ترتفع اهمية الاعلام وخاصةً المرئي وتتوسع قاعدته ومتابعته الجماهيرية ويتحول المشاهد الى مُقيِّم وحَكَم وناقد للإعلام نفسه!. ومع ان منطقتنا لم تعرف الهدؤ الكامل منذ عقود إلا ان الإعلام العربي لم يتعلم من هذه الأحداث وهذه التهديدات ولم يضع نفسه في الموقف السليم المناسب دفاعاً وهجوماً عن قضايا الأمن الاستراتيجي الوطني والقومي لهذه الدول.
وبشكل عام إذا كان النجاح لا يتطلب تحقيقه أي عذر، كما أن الفشل لا تنفع معه المبررات فإن قوة الإرادة ونجاح القيادة وإمتلاك الرؤية مع المقدرة على التنفيذ تجعل النجاح هو السلاح الوحيد الذي يحقق الأهداف، وهذا ما قامت به محطة سعودي٢٤ التي كسرت القاعدة العربية الاعلامية من حيث المحتوى والطرح والادارة والتنوع ولغة الخطاب والتموضع السريع بناءً على سير الاحداث في المنطقة والعالم. ويبدو أن السر في هذا النجاح يعود للفهم العميق لدى ادارة المحطة لكل الأبعاد المحلية والاقليمية والدولية، مع فهم أعمق لإستراتيجيات المملكة ومنطلقاتها السياسية وعدالة ثوابتها وفهم رؤاها التي تهدف في مجملها للإستقرار واحترام حُريات الآخرين في العالم، وهذا الفهم مهم جدا وقليل من يُتقنه في قيادات الاعلام بالوطن العربي. وواضح ان هناك همّ اخلاقي ووطني وانساني ومسؤولية تحملها المحطة لا تقتصر على بيئتها المحلية بل تتعداها الى آفاق أبعد ويمكن ملاحظة ذلك من اسلوب البرامج والمقاربات الاعلامية والبعد عن استخدام التزييف والفبركة والخداع الإعلامي الذي ينتهجه إعلام البعض في المنطقة وخارجها.
وبغض النظر عن قناعات المتلقي ولكن الحق ما شهدت به الأعداء فها هو الإعلام المعادي للمملكة وللعرب إجمالاً يتابع محطة سعودي 24 عن كثب وخاصة برامجها الحوارية السياسية والاجتماعية المحلية والإقليمية والدولية ويأخذ منها ويبني عليها ردود افعال بعينها وهذا واضح ويراه الجمع.
ثم ان هناك عمل مهم وغير مسبوق قامت به “سعودي 24 ” وهو انها جمعت الوطن بأكمله تحت سقف واحد، فلأول مرة وبشكل مستمر تجد المثقف والمفكر من الإحساء ومن القطيف مع اخيه المثقف الآخر من طريف أو تبوك مثلاً ، والمختص من مكة او جازان مع نظيره من الافلاج أو نجران، والآكاديمي من مجلس الشورى مع زميله ضابط القوات المسلحة، ومختص التقنيات الرقمية مع زميله الأمني، والآكاديمي والصحفي الكويتي مع نظيره السعودي والاماراتي والبحريني والعراقي والجزائري والمصري والاردني واللبناني وغيرهم، وكل هؤلاء ينافحون بصوت واحد عن مصالح المنطقة العربية وعن أمن شعوبها، وهذا الجهد المميز لم تقوم به أي وسيلة اعلامية أخرى داخل الوطن العربي او خارجه بهذا الاعتدال والمصداقية، بل لقد رأينا عكس ذلك مع الأسف كما في إعلام الدوحة وغيرها.
وبالإضافة الى ما اشرت اليه آنفاً اعتقد أن هذا النجاح المضطرد لمجموعة قنوات سعودي 24 التي بلغ مجموعها (40) قناة يعود لنجاح الإدارة والتركيز على الرسالة والمهمة والهدف أكثر من أي شيء آخر مع سلاسة ومرونة ومتابعة وتقييم للعمل على مدار الساعة واحترام المشاركين وتقديرهم وانتقاءهم بعناية.
أخيراً نتمنى النجاح الدائم لهذه المحطة الإعلامية الفضائية ذات المسار المختلف عمّا تعودنا عليه، ولابد من القول انها تمكنت من التغلب منذ إنطلاقها على ثلاثة معوقات ثابتةٌ لدى الإعلام العربي، الأول عدم معرفة الهدف النهائي الحقيقي النابع من استراتيجية الدولة أو عدم فهمه، والمعوق الثاني هو الفشل في إدارة الموارد حتى على مستوى العلاقات العامه، اما الثالث فهو المماحكات الداخلية والتنافس السلبي والتعجرف المتوارث داخل هذه الاجهزة العربية فيما بين منسوبيها ويقابل ذلك ضعف قيادي شديد وغياب للشفافية مع المسؤول الأعلى خارج هيكل الإعلام.
المحطة الفضائية العربية “سعودي24” المتوثبة يبدو انها ستذهب الى نجاحات اخرى لإمتلاكها الرؤية والهدف والإصرار على النجاح.