السعوديين وأجداداهم عبر التاريخ متمسكين بموطنهم القاحل المتصحر ولم يغادروه أزمان الجوع والخوف والفقر والأوبئة القاتلة، بل وحدوا بلادهم وقبائلهم في كيان عظيم عبر ثلاث دول سعودية ولم يساعدهم إلا الله تعالى ثم عقولهم وسواعدهم.
هؤلاء الناس باديةً وحاضرةً ثبتوا أحراراً على ترابهم عبر تاريخهم الطويل في جزيرتهم العربية من قبل أن يشع نور الإسلام، ولم يتنازلوا يوماً عن شبر من أرضهم لأي أجنبي حتى التُرك الذين أفسدوا الدين والحياة، ولم يزهد السعوديين في مستوى التشبث بأرضهم الجرداء المُقفرة، ولم يساوموا للحظة واحدة على حريتهم وعقيدتهم ومبادئهم مهما كانت المُغريات ومهما بلغ بهم الحال من العوز والحاجة قبل الرخاء.
المستشرق، ل.أ.سيديو، في كتابه “تاريخ العرب العام”، قَصَدَ بكلامه آباء وأجداد السعوديين الحاليين عبر تاريخهم، حين قال: «والعربي نشيط..وهو صبور، ويرجع صبره إلى مالا محيص عنه من إحتمال الآلام والمحن، وهو محبٌ للحرية، والحرية هي الأمر الوحيد الذي أُتفق له ان يتمتع به، وهو مُحارب، ويحارب حاقداً كل من يحاول استعباده!، وهو قاسٍ على نفسه وصارم…». انتهى كلامه. ولم يخطئ ل. أ. سيديو، والدليل ان السعوديين حالياً يتصدون بقوة وثبات لكل من يحاول المساس بكيانهم الكبير وبأمنهم وحريتهم واستقرار بلادهم ومقدساتهم الإسلامية وجيرانهم، ولم يركعوا لغير الله رغم الضغوط والتهديدات، فإن إضطروا للحرب أنتقموا بشرف مقبلين لا مدبرين.
أما المفكر السعودي، محمد الصوياني، في كتابه العقل العربي فيقول:(يجهل الفكر العربي أو يتجاهل أن النجاح هو أن تُبدع، هو أن تتفوق على السابق، هو ان تخترق المجهول..، هو ان تُقنع بدلاً من أن تَخطب). الصوياني هنا يشخص حالة العرب إجمالاً لكن منطقه يدل على إن مواطن هذه البلاد يتغلب بنجاح على ظروف بيئته القاسية، مقاوماً لمسببات الفناء لأجل البقاء، وتأثيره الإنساني هو الأبرز والفاعل والمُقنع ابتداءً بأسلافه الذين كانوا حول النبي العربي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وانتهاءً بأحفادهم الواقفين اليوم على ذات المكان الذي أصبح المملكة العربية السعودية.
في عام ٢٠٠٣م، كُلفت كمتدرب بكلية القيادة والأركان السعودية، بإعداد ورقة عن أحد الصحابة كتّاب الوحي، وهو القائد العربي المؤسس، معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، فلم أجد بالإستنتاج أن شيئاً أخذ من اهتمام هذا القائد أكثر من إهتمامه بتأسيس هياكل الدولة الفتية القادمة وإصلاح المترهل القائم، ورغم انه واجه صعوبة لأخذ الموافقة من مركز الدولة بالمدينة المنورة، لكن إستراتيجيتة نحو الهدف بقيت راسخة ولم تتغير، فبدأ ببناء أول قوات بحرية في التاريخ عام ٢٤هـ، وبنى قواعدها بمرافىء الشام ومصر، وأسس هيئة للصناعات البحرية في عكا، وجاء بخبراء بناء السفن من سواحل الخليج العربي واليمن، وأمر باستخدم أخشاب غابات لبنان لصناعتها، وأنشأ فرعين للصناعة البحرية في ميناءي صور وطرابلس بلبنان. وحين قامت الدولة الأموية كان معاوية أول ملك في الإسلام، فقضى على الفوضى والنزاعات والإقتتال الداخلي حينذاك الذي يشبه وضع العرب حالياً بتأثير الدخلاء والعملاء. أوليس السعوديين حالياً جهودهم هي الأبرز لمنع مسببات الفوضى والحروب والطائفية والإرهاب التي تصدرها ايران وأوربا الى العرب والمسلمين ثم تتهمهم بها؟.
وفي عام ٢٠١٢م بكلية الدفاع الوطني الأردنية، كُلفت بإعداد ورقة حول استراتيجيات كاتب الوحي أبا السبطين أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وبعيداً عن منعطفات البحث، لم أجد أي إهتمام لدى أمير المؤمنين يتقدم على محاربة الفساد وبسط العدل ومنع التجاوزات المالية والإدارية وإعادة العقارات والأموال في كل الأمصار الى بيت مال المسلمين، تلك الممتلكات تم الإستيلاء عليها بالمحسوبية والمحاباة العائلية والعشائرية. هل نحن بحاجة للتذكير بأن علي ومعاوية رضي الله عنهما، هما أبناء أرضنا هذه، ومن بِطاحنا ومن قومنا ومن قبائلنا التي لا تزال تحمل نفس المسميات في المملكة؟.. ماهو دخل الفرس والمجوس إذاً بمحبة علي وكراهية معاوية، وهُم لا ينتمون لهما بأي صلة سواء عرق أو دين أو ثقافة ولا حتى تعامل مصلحي دنيوي مباشر.؟!.
في القرن الحادي والعشرين بلغ الهوان مبلغه بسبب تبعية كثير من العرب للعجم وعدوانية ثورة فارس الخمينية الإرهابية ضد كل ماهو عربي، فيُقيض الله سبحانه هذا الملك العربي الحكيم، سلمان بن عبد العزيز، بخبرته الثّرية ورؤيته الإستراتيجية الإدارية والقيادية، فيكلف الأمير القوي الأمين محمد بن سلمان بن عبد العزيز بالمسؤوليات العليا كمُفكر وقائد وصاحب رؤية، ليؤسس ويقود نهضة سعودية شاملة تتجاوز الحدود وتشمل خيراتها الجيران بطبيعة الواقع، وستغطي المنطقة حتى إيران بعون الله. ماذا فعل الأمير القائد؟، فلنعيد أولاً قراءة إستراتيجيات أمير المؤمنين الملك معاوية تجاه الدولة ونقارن مع الفارق الزمني البعيد واختلاف المعطيات. لقد بنى الأمير محمد بن سلمان مؤسسات شعبه وبلاده بشكل حديث ومتين، وجدد هياكلها ومنع مسبباب الضعف والعبث بأنواعه وأزال التطرف، ونهض بالإقتصاد والصناعات ومنع الهدر وقطع دابر الفساد بشتى مسمياته، يبني الأمير وشعبه بكل لحظة قُوى الدولة الإستراتيجية مادياً ومعرفياً وفكرياً وصناعياً بشكل حديث متقن، ويعيد مجدداً بناء كافة المرافئ البحرية والجوية والبرية. محمد بن سلمان أمير عربي ثائر ضد التخلف والضعف، ثائر بمواصفاتنا وأساليبنا نحن السعوديين وليس بمقاييس ثوَّار الفوضى والإنقلابات والشعارات الزائفة.
بطموح أجداده مؤسسي الدولة السعودية الأولى وبعبقرية جده الكبير، مُوحد المملكة في العصر الحديث الملك عبد العزيز آل سعود “رحمه الله”، يحمل هذا الأمير الوطني الصبُور، مشاريع كُبرى لبناء ركائز القوى بشكل مختلف ومذهل ويعيد هيبة ومكانة الحضارة والثقافة والفكر بأبعد مما نتصور أو يتخيله الأعداء، اقتصادياً وعلمياً وسياسياً ودفاعياً وفكرياً واجتماعياً وثقافيا.
لسنا بدعاً من التاريخ، وإذا كانت الدولة الراشدة والأموية رفعتا شأن العرب استراتيجياً من وضع مأسوي متقوقع إلى واقع حضاري متفوق كان هو الأهم المؤثر في سِجل الحضارة الإنسانية، فإننا حالياً في المملكة نُعيد هيكلة وبناء حضارتنا العربية بقيمها ودينها وأصالتها بشكل نستحقه ويعيد لأجيالنا وللعرب حقوقهم في صناعة الحياة ومشاركة العالم البناء والتقدم. لقد أسسنا السعودية قبل قيام أمريكا، ولم يسبقنا أحد في التاريخ على وضع كلمة “العربية” في مسمى الدولة : المملكة العربية السعودية.
اليوم يلزم المفكر العربي والقادة والنخب الثقافية بكل دولة عربية حمل الهمّ الوطني وعدم التبعية للأجنبي كالإيراني الصفوي الذي يخدر ثم يدمر كما فعل بسوريا ولبنان في ظل حكم حافظ الأسد وإبنه بشار، بل إن هذا العدو يعبث كل لحظة بجينات العرب ويزرع قوميته بشكل مُريع ومُعيب في الرحم العربي وبالأخص بدول الشام والعراق والخليج! ويكفي أن نرى أبناء الفرس المستعربين يقودون “الميليشات الخمينية المجوسية الإرهابية في المنطقة العربية، وأن نرى بعض المعممين يدعون سراً وعلانيةً لدين إختلقه المجوس من الخرافات، ويشتمون النبي الكريم وصحابته وكل العرب ويقدمون الخُمس الحرام للعدو ليعيده لنا متفجرات وإرهاب.
رضي الله عن الصحابي العظيم كاتب الوحي الملك معاوية بن أبي سفيان، ووفق الله وسدد وحمى أميرنا الكبير ولي العهد الأمين محمد بن سلمان بن عبدالعزيز.
ولتذكير من يجيدون اللكنة الإيرانية وبعض الغاوين وعموم أصحاب العمائم السوداء الخبيثة فإن، علي ومعاوية من مواليد مكة المكرمة ومحمد بن سلمان من مواليد الرياض، أهل بيت واحد.
عبدالله غانم القحطاني
باحث دراسات أمنية واستراتيجية
عبدالله غانم القحطاني
باحث دراسات أمنية واستراتيجية
التعليقات 2
2 pings
محمد الجـــــــابري
08/06/2019 في 7:19 م[3] رابط التعليق
جف الغدير وشحّ الغيم والمطر *** واصفرّ بعد دوام الخضرة الشجر
وازداد عارضها ريح السّموم وقد *** تنازع النّاس أمرا شأنه خطر
ما للحروف وقد أفضى الكلام إلى *** خير القرون أخلّيها وما تذر
أبغي السكوت وما ألقى له وطنا *** كذاك شعري هدر مابه ظفر
فيم الكلام ولا خيرا نأمّله *** ممّن تقدّمه في سيره البقر
فالله يحفظ في عليائه بلدي *** من قحّة قد سرى في أهلها ضرر
خالي وخال جميع المسلمين غدا *** في أرذل الخلق يزرى ثم يحتقر
وكلب كسرى يزكّى دونما حرج *** ولا بأجهر منها حين يفتخر
ذاك الذي قتل الفاروق معتديا *** ذاك الشّقاء له والخزي إن جهروا
حاز ابن سفيان فخرا ليس يحجبه *** حقد الحقود ولا غيم ولا كدر
أين ابن هند وقد بانت مآثره *** من نبح منتقد يهذي فما يذر
أين الذي ملك الدنيا فأسلمها *** إن ناح ذو ضعة قد نابه السكر
صلّى الإله على عبد تخيّره *** ليرقم الوحي في قوم لهم خبر
والله يرضى عن الفاروق صاحبه *** من كان واليه يولي ويعتذر
كذا الرّضاء لذي النورين مثبته *** في سلطة مارقى عن مثلها بشر
بل ذاك خصمه في صفّين قال لنا *** ذنب الفريقين عند الله مغتفر
وكم ترجّى بأن تبقى امارته *** حفظا لأمّتنا إن نابها الخطر
كذاك سبطه هل خلّى خلافته *** لغير فارسها لو نالك النّظر؟
أو كالحسين وقد بان الرّضاء لنا *** من مثل صمته فاصمت نالك الظّفر
أوْ ما سمعت حديث المصطفى بولا *** في مدح ذا البيع فافهم أيّها الحجر
واذكر وقد حملت لحياك فاحشة *** قول الرّسول متى أزرى بك الدّعر
لاهم فاجعله مهديا وهاديها *** واهد به الخلق للإحسان إن أشروا
وغزوة البحر ما أسما فضائلها *** وافخر صاحبها لو كان يفتخر
أووقعة الروم إذ لاقى فوارسها *** من رحمة الله غفرانا وما اغتفروا
وكلّ ذي نسب لابدّ قاطعه *** يوم القيامة الاّه لو ذكروا
فإنّه نسب المختارسيّدنا *** لو أدرك النّاس ما يبقى ويدّخر
واسمع كلام ابن عبّاس فإن له *** من حكمة القول ما يرضى له البشر
ما كان من رجل للملك أخلق من *** مثل ابن هند وقد أفضى له القدر
كذاك قال ” فقيه ” حينما سألت *** عن وتر صاحبه هاتيكم الزّمر
وعن أخيه أبي الدّرداء أنّ له *** سمتا كسمت رسول الله لو نظروا
بل ذاك ثوب رسول الله اسلمه *** حِبُّ الرسول له لليمن والشَّعَر
كذاك حدّث عن إسناده نفر *** من خيرة الصّحب يامن أمّه النّفر
أبو سعيد كذا النّعمان صاحبه *** جرير ثمّ أبو الدّرداء يعتبر
وابن الزّبير كذاك ابن لعمرو وزد *** ذكر ابن عبّاس أو من أنجب الحجر
وفي الصّحيحين من إسناد صاحبها *** عشر وتسع من الآثار تشتهر
وللمسوّر في ذكر الفتى خبر *** يشفي غوائلها ياحبذا الخبر
وفي اعتذار حبيب المصطفى مثل *** عن قتل حجر لعذر حين يعتذر
والتابعون بقول مثله جهروا *** ما ليس يحجبه شمس ولا قمر
وقد تبدّلها بالسّوء طائفة *** في مثل قولهم عجز كذا قصر
تفاقم الظّلم حتّى لم أجد سببا *** الى سؤاله أين الفقه والنّظر
وإن أجبت بشئء من شمائله *** فما تجلّى بقولي نوره القمر
يا عين جودي فإني ممسك قلمي *** وما لدمعك إن آثرت مدّخر
ويا جفوني خلّي عنك واعترفي *** بالعجز واقتنعي أن لست أصطبر
قد هالني منظر الخذلان في فزع *** لمّا ذكرت وقد فاتتني العبر
قلبي وكفّي والجفون ومقلتي *** تكاد تفنى وقد أزرى بها الهدر
سهرت ليلي في خير أمثّله *** وطال فكري واحتارت بي الفكر
(0)
(0)
عبدالرحمن شينان القرني
10/06/2019 في 12:48 ص[3] رابط التعليق
أنه أبن سلمان فألم يكن كذلك كيف سيكون لله دره من بطل .
(0)
(0)