شريفة بنت حبيب الشيخ، خطاطة سعودية من منطقة جازان، تجسد في مسيرتها الفنية جوهر الهوية السعودية التي تتجذر في الأصالة وتزدهر بالإبداع. بشغف طفولي نما عبر السنوات، أصبحت شريفة رمزًا للمرأة الطموحة التي تسعى إلى إبراز جماليات الخط العربي وتطويره، حتى حصلت على الإجازة في الخط الديواني من عميد الخطاطين الدولي الأستاذ ناصر بن عبدالعزيز الميمون، وحققت إنجازات لافتة على المستويين المحلي والدولي.
البداية: شغف منذ الصغر
تستعيد شريفة ذكريات الطفولة التي شكلت بداية رحلتها، فتقول في حديثها لصحيفة “الرأي” : “الشغف بالخط العربي بدأ منذ الصغر، حينما كنت أجلس أمام الورق والقلم، أحاول أن أخلق جمالًا من الحروف. كان الحب والرغبة والإصرار هم الدافع لتطوير موهبتي”.
هذا الشغف لم يتوقف عند حدود الهواية، بل قادها للحصول على شهادة البكالوريوس، ومن ثم تحقيق إنجاز استثنائي في عام 1439هـ، حيث حصلت على الإجازة في الخط الديواني بعد تحديات كبيرة. تشير شريفة إلى أن التحديات كانت بمثابة اختبار لصبرها وعزيمتها، حيث تقول: “رُسمت بداخلي أهداف كبرى، وبفضل الله تمكنت من تحقيقها.”
الإجازة في الخط العربي: نقطة تحول
حصولها على الإجازة لم يكن مجرد شهادة، بل نقطة تحول أضافت لمسيرتها الفنية عمقًا جديدًا. تقول شريفة: “أدركت حينها قيمة الخط العربي ليس فقط كفن، بل كمرآة تعكس الهوية السعودية وتراثها العريق.”
الحفاظ على التراث: رسالة أصيلة من جازان
وفي حديثها لصحيفة الرأي : ترى شريفة أن الخط العربي يمثل جزءًا لا يتجزأ من التراث الثقافي للمملكة. توضح قائلة: “أسلط الضوء في أعمالي على تراث وثقافة الخط العربي وارتباطه بحياتنا اليومية، فهو ليس مجرد كتابة، بل لغة عالمية تربط بين الماضي والحاضر.”
لم تكتفِ شريفة بحفظ التراث، بل سعت لتوثيق التراث المحلي لجازان عبر أعمالها، مؤكدة أن الخط العربي يمكن أن يكون أداة فعّالة لحفظ الذاكرة الثقافية وتعزيز الهوية الوطنية.
المعارض والفعاليات: منصات للتميز
شاركت شريفة في العديد من الفعاليات والمعارض التي أبرزت موهبتها وإبداعها، مثل:
• معرض “فنن” في شتاء جازان.
• معرض “نبض الحرف” ومعرض “اللغة العربية” على مستوى المنطقة الجنوبية.
• معرض “جماليات القصيد” في الملتقى الشعري الخامس.
• معرض “أبناء الشهداء”، الذي نظمته مديرية الدفاع المدني.
عن هذه المشاركات تقول: “لكل معرض حكاية مختلفة، ولكل عمل رسالة أطمح من خلالها إلى إيصال جماليات الخط العربي، الذي يدهش العالم بتشكيلاته الفريدة”.
دمج الخط العربي والتكنولوجيا: بين الأصالة والحداثة
تؤمن شريفة بأهمية مواكبة التطور التكنولوجي دون المساس بجوهر الخط العربي. تقول: “دمج الخط العربي مع التقنيات الحديثة سلاح ذو حدين. علينا أن نستغل الجانب الإيجابي الذي يسهم في تطوير الخط والحفاظ على أصالته.”
المبادرات: دعم الشباب وتعزيز الهوية
إلى جانب إنجازاتها الشخصية، أطلقت مبادرة “بُرَّدْ” بتنمية صامطة، والتي تهدف إلى دعم الخطاطين الشباب ونشر ثقافة الخط العربي. ترى شريفة أن هذه المبادرات هي جزء من رسالتها في تعزيز الهوية الثقافية للمجتمع السعودي.
رؤية مستقبلية: أحلام لا تعرف الحدود
تحلم شريفة الشيخ بأن تصبح المملكة العربية السعودية مركزًا عالميًا لفن الخط العربي، وتعمل على تحقيق ذلك من خلال تدريب المواهب الشابة واحتضان المبدعين. تقول: “هدفي هو ترسيخ مكانة الخط العربي عالميًا، وتعزيز قيمته كفن يحمل في طياته إرثًا عظيمًا.”
رسالة ختامية
في حديثها لصحيفة “الرأي” توجه شريفة رسالة ملهمة للأجيال القادمة: “الفن ليس مجرد موهبة، بل مسؤولية. علينا جميعًا أن نحافظ على هويتنا الثقافية ونقدمها للعالم بأبهى صورة”.
شريفة الشيخ، ليست فقط خطاطة بارعة، بل سفيرة للهوية السعودية، تسعى من خلال فنها إلى خلق تواصل إنساني عالمي يُظهر عظمة الحروف العربية وجمالها الذي لا حدود له.