قد يبدو لكم العنوان غريبًا وغير مألوف، فما بين ما يكتب وبين ما يفهم مسافة قد تطول كما أن المسافة قد تكون أقصر من المتوقع حين تتفق الرؤى رغم إختلاف التوجهات.
ما بين وبين حالة شائكة معقدة وحالة واضحة وبسيطة تكون هناك حالة متوسطة لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، فلكل شخص رأيه ومعتقده يختلف فيه مع الآخر وتحضر البين بين لتتوسط بين الحالتين وهي الحالة الأكثر إعتدال.
من أمثلة مابين وبين تحضرنا التأثير والتأثر فإما أن تكون شخصًا واعيًا مدركًا واثقًا تؤثر في محيطك بما تراه وتتبنى فلسفة إيجابية مؤثرة ترتقي بها وترقى بمن معك وبين أن تكون متأثر بالآخرين لا أثر لك ولا تأثير بل قابل للتطويع والتسخير بما يريده الآخر فتميع هويتك وتصبح نسخة طبق الأصل منه سواء كانت نسخة مشوهة أو براقة جميلة.
حالة أخرى تأتي البين والبين في الأخذ والعطاء ! بيننا من تعود على الأخذ بكل الأشكال والصور لا يعنيه أن تكون مستطيعًا أو عاجز لا تؤرقه قدرتك أو احتياجك اعتاد أن يكون واقفا على انقاض الآخر لا تجد في قاموسه مفردات البذل و الإيثار،
وبين صاحب البذل والعطاء المتدفق بلا حدود فيكون أحمق أو أخرق اعتاد صرف ما يملك حسيًا ومعنويًا بلا حساب فاستهلك مشاعره ووقته ومادته بكل سفاهة وغباء فهو كمن يزرع في أرض يباس، وفي حالة البين يبدو لنا التفاؤل والتشاؤم إما قانط متأزم أضاع أجمل أوقاته في الخوف والحذر والترقب وآخر افرط في الفأل وطول الأمل وتبقى بينهما مسافة ليست بالقصيرة
أيضا البين والبين نراها بين الوفرة والندرة في العديد من مظاهر الحياة الظاهرة والباطنة فما بين مؤمن بإن الخير في الناس ممتد إلى يوم الدين والثقة بهم مسترسلة في حدود المقبول وبين منزوع الثقة بالآخرين مهووس بالشك لا يرى في الناس خير ولا يدرك أن الله يهب لمن يشاء من عباده الخيرية، ومع تعدد البين والبين تبقى الأفضلية للمنطقة الدافئة منطقة الوسطية في كل شي منطقة التوازن والاتزان إذ حين تكون إنسان متزن بلا شك ستحرص على التوازن في كل شيء فلا اندفاع مخل ولا تراجع المُقِل حتى في أبسط الأشياء وأغلاها مشاعرك لا تبذلها بابتذال يعتادها الآخر فيستهين بك ويُسفهها ولا تبخل بها حد الجفاف فلا تعيش لذتها وصدقها ونقائها فقط كن حذرا لمن تبذل فليس كل ما يلمع ذهبًا.