دعونا نبحر في عالم افتراضي نصنعه لأنفسنا ننفصل فيه عن الواقع للحظات فهل ننساق خلف أحلام يقظتنا هل سنصمد أمام المغريات ونرفض افكارنا الخيالية التي قد تبدو مجنونة ونستبدل بها الواقع ونتعايش معها؟ سنطرح فكرة افتراضية قد تبدو غريبة بعض الشيء نستشرف من خلالها واقعنا المُعاش ونحكم من خلاله على قدرتنا على التغيير الإيجابي لنظامنا الحياتي ويومياتنا وقناعاتنا وأفكارنا، ماذا لو ادمى قلبك الألم وتسلل إلى روحك الوهن وضرب الهم أطنابه في عمق سكونك فالتفت يمينا فلم تجد إلا فراغ لا يصل إليه بصرك وادرت بصرك نحو الشمال فارتد إليك عاجزا عن استيعاب مكونه، فتظاهرت باللامبالاة ومررت إلى نفسك أن (( لا شيء يهم )) ثم نقلتك خطواتك بلا وعي إلى أريكة عتيقة في غرفة خالية إلا من صوت خطواتك وتنفسك يلفها الصمت الرهيب علقت على جدرانها لوحات مختلفة الرسومات فما بين خطوط متوازية إلى زهرة تساقط ثلثي بتلاتها وبين عينين تحدقان في الفراغ بلا معنى ، وبلا وعي منك أسقطتُ نفسك طواعية على تلك الأريكة الجامدة ودخلت في سبات عميق فلا تدري كم مضى عليك من الوقت وفجأة تستيقظ تحدق في غرفة غريبة ليست لك تغمض عينيك لوهلة وتعود لتفتحها لتستوعب أين أنت ومنذ متى وانت هنا وكيف وصلت إلى هنا، أنت الآن في عزلة عن الناس وعن كل المؤثرات الخارجية ليس معك إلا الله ثم نفسك ومايحتويه محيط هذه الغرفة الصماء هل ستحاول أن تخرج لترى أين أنت؟ ام قد تمتد يدك داخل جيب سترتك لتتفقد جهازك الذكي الذي لا يوجد معك أصلا ؟ من أول شخص قد يخطر في عقلك تبادر وتحدثه او تستنجد به ؟ هل ستتنحى جانبا وتسند خدك على كفك في استسلام عجيب وتقنع نفسك أن هذه اللحظة عزلة روحية تعيد فيها ترتيب افكارك المشوشة ؟ أم أن شعور الخوف والرعب سيثبتان وجودهما في وجدانك فتبدأ تذرع الغرفة الغريبة جيئة وذهابا تطرق الباب المغلق ترفع صوتك لعل أحدهم يسمعك؟
احيانا كثيرة نحتاج أن نلجأ إلى العزلة بكافة أنواعها عزلة روحية وعزلة عن الناس والعالم وحتى عن الأجهزة نتمنى لو سافرنا بعيدا بأرواحنا حتى وإن ظلت اجسادنا معلقة بالأرض التي ندرج عليها، العزلة والسفر الروحي متعة حين نوجهها باحترافية عالية لكنها مزعجة تماما حين تفرض علينا فرضا إجباريا لا خيار لنا فيه اذ قد تقتات مخاوفنا واضطراباتنا النفسية وأوهامنا على ما ضعف من أعصابنا وهشاشة قوانا النفسية .
جرب أن تعيش العزلة بمحض إرادتك فهي فرصة لقياس قدرتك النفسية والعصبية والذهنية على التحمل واعادة ترتيب الأولويات في حياتك وربما أيضا فتحت أمامك نوافذ للتصحيح وتعديل مسارات لم تكن راض عنها ، كما أن في العزلة الاختيارية فرصة للمحاسبة الذاتية والتي نغفل عنها في خضم ضجيج الحياة وتسارعها.
بقلم: جواهر محمد الخثلان
عزلة افتراضية
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://alraynews.net/articles/6540966.htm