رُبَّ نصيحة أحدثت قطيعة؛ ويكفيك إلقاء نظرة بسيطة في حياتنا الاجتماعية لتلاحظ كم علاقات أسرية متينة انفرط عقدها بفعل نصيحة، بعد أن دفع حسن النية أحدَهم إلى نصح أقربائه باجتناب المنكر، وتعزيز نظام الحماية في البيت حين تكاثرت الفيروسات الداخلة إليه.
إن لنا في رسول الله -صلى الله عليه وسلمَ- الأسوة الحسنة فهو خير ناصح، وخير داعية، وقد كان صلى الله عليه وسلمَ يوصي باللين في كل شيء، ففي صحيح مسلم عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلمَ- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلمَ- قَالَ: "إِنَّ الرِّفْقَ لاَ يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلاَّ زَانَهُ وَلاَ يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ شَانَهُ".
وهذا يجعلنا نتفق معاً أن الناصح مُحب يخاف على أحبته من الوقوع في الخطأ والمعصية تجنبا لما يغضب الله.
إلا أن هذا النصح له فنونه وآدابه من جوانب عدة وأوجه كثيرة منها: صلة الناصح بالمنصوح وهل هو قدوة في نفسه وخاصته وحياته؟ هل أقواله تطابق أفعاله؟
ومنها فارق العمر فأسلوب نصيحة الكبير تختلف عن أسلوب نصيحة الصغير فالكبير قد خاض تجارب كثيرة في الحياة وأمسك بزمام الأمور ونضج عقلياً وعاطفياً أما صغير السن فهو مازال في ريعان الشباب وعنفوان القوة مازال يجذبه الهوى والمغريات ولم ينضج عقلياً وعاطفياً.
من المُسلمات أن الضوابط الشرعية والقيم الإسلامية لايخوض فيها إلا من أعمى الشيطان قلبه وبصيرته..
هناك العاصي الذي يعلم أنه على خطأ لكن غلب هواه عقله..
لكن هناك حقائق لايمكن تجاهلها ومبادئ وقيم لايمكن تجاوزها..
تقبل الاختلاف لايعني تجاوز الخطوط الحمراء والمبادئ والأخلاق الإسلامية والعادات الاجتماعية التي تربينا عليها وأصبحت طابعًا يميز نساء وبنات هذا البلد عن غيره من البلدان..
أمام المغريات تساقطت الكثير من القيم التي لانملك تجاهها إلا الدعاء لأنفسنا وغيرنا بالثبات بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة والقدوة الصالحة..
أكثر شيء ينفر الإنسان من قبول النصيحة أسلوب الأمر والفضاضة في القول والله سبحانه وتعالى أرشدنا في القرآن الكريم الى أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة في قوله تعالى:(ولو كنت فظاً غليظَ القلب لانفضوا من حولك)-آل عمران 159
رفقاً بجيل تتخطفه المغريات وتتجاذبه الأهواء وتتساقط أمامه القدوات..
هذا الجيل فقد المربون له الحكمة والحلم ففقدوه شيئاً فشيئاً ..
التربية بالإقناع وليس بالإلزام التربية بالقرب وليس الابتعاد، التربية بالحب وليس السلطة..
أصبح أبناؤنا وبناتنا يكرهون الجلوس معنا وينفرون من اجتماعاتنا؛ يفضلون العالم الخارجي عن عالمهم الداخلي..
والأصل في النصيحة: أن تكون سرًا, وقد قيل: "من أمرَ أخاه على رؤوس الملأ فقد عيّره".
وعلى الناصحِ: أن لا يظهر الشماتة بمن ابتلي من المسلمين والصالحين, بل يدعو ربه السلامة والعافية, فإن العافية لا يعادلها شيء، ومن عوفي فليحمد الله, وجاء في الحديث الذي رواه الترمذي في سننه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلمَ-: "لاَ تُظْهِرِ الشَّمَاتَةَ لأَخِيكَ فَيَرْحَمُهُ اللَّهُ وَيَبْتَلِيكَ"
قبل الوداع:
يقول الإمام الشافعي -رحمه الله- في الحكمة:
تَعَمَّدني بِنُصْحِكَ في انْفِرَادِي
وجنِّبني النصيحةَ في الجماعهْ
فَإِنَّ النُّصْحَ بَيْنَ النَّاسِ نَوْعٌ
من التوبيخِ لا أرضى استماعه
وَإنْ خَالَفْتنِي وَعَصَيْتَ قَوْلِي
فَلاَ تَجْزَعْ إذَا لَمْ تُعْطَ طَاعَه
بقلم: فاطمة الجباري
التعليقات 5
5 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
عمشاء السهلي
05/07/2021 في 6:43 م[3] رابط التعليق
كلام رائع مبدعه 👍🏻👍🏻👍🏻👍🏻👍🏻
(0)
(0)
غلاوي
05/07/2021 في 8:03 م[3] رابط التعليق
رائع استاذه فاطمة
نعم نحتاج الى ان نتعلم كيف نتعامل مع هذا الجيل الذي تحفه الشهوات من كل اتجاه
(0)
(0)
فيروز
06/07/2021 في 12:28 ص[3] رابط التعليق
أحسنتي وأبدعتي وأسهبتي فأمتعتي ……😍♥️
(0)
(0)
فاطمة الأحمد
09/07/2021 في 5:45 ص[3] رابط التعليق
أمام المغريات تساقطت الكثير من القيم التي لانملك تجاهها إلا الدعاء لأنفسنا وغيرنا بالثبات بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة والقدوة الصالحة..👌🏻👌🏻👌🏻 نصائح ودرر نحتاجها منك يامبدعة 🌺
(0)
(0)
جواهر الفراج
09/07/2021 في 5:37 م[3] رابط التعليق
كلام جميل جداً أستاذة فاطمة
دائماً موضوعاتك راااااااائعة
نحن بحاجة لمثل هذه النصائح
نستفيد منها كثيراً
أسعدك الله دنيا وأخرى
(0)
(0)