بعيداً عن قلب الحقائق في المجاملات، ولنستخدم الشفافية الحقيقية بلا رسميات، ولنتحاور بكل صدق عن من عمل بكدح شديد عاملاً براتب زهيد، تجرع أشد المر واحترق جلده بالحر، جمع مالاً زهيداً ليتزوج به بصدق نيه، في ظل انعدام زمانه من القروض البنكية، ربّى وعلّم رُغم اميّته!!
رباك على مكارم الأخلاق الأساسية وعلمك ضرورة الالتحاق بالدراسة النظامية، تحمل معيشتك ونفقتك رغم قلة مرتبه، يعطيك ويُحِرم نفسه، يتطبب بك ولو كلفه صحته، انه الأب نعم الأب الذي لا عِوَض له في هذه الدنيا، هذه الكلمة القليلة حروفها والكبيرة بمعناها .
فالأب هو السند في الحياة وهو الأنيس في الأهل والعضيد في المجتمع، صاحب القلب الكبير والشفقة الحانية .
يكبر سنه ويرق عظمه وتبدأ آلامه وتزيد من كثرة تفكيره بابنائه أحزانه، لقلة الاهتمام به وعدم العناية برغباته البسيطة، أتفعل كل ذلك معه وتريد جنة عاليه قطوفها دانية؟!
متناسيًا قوله تعالى" وقضى ربك الا تعبدوا الا إياه وبالوالدين إحسانا" فهل تريد أعالي الجنان وانت تتجاهل والدك وتقدم عليه صغار الصبيان ؟!
⭕ اتريد رضى ربك وانت تلبي ادق (كماليات) زوجتك وتتناسى (اساسيات) ابيك ؟!
⭕ من قدمك على نفسه وتلذذ بإطعامك في صغرك هل سددت دينك ام أطعمت ابنك وتناسيته ؟
⭕ من كساك وهو فرِح منذ ولادتك حتى بلغت 15 سنة -او اكثر- ألا يستحق ان تفرحه بثوب عيد بعد ان ضعف حاله ؟ ام ان فرحك خاص بشباب الإستراحة ؟
⭕ من اسهر ليله وبذل ماله ووقته في علاجك وتواصل مع الأطباء رغم جهله بالأمور الطبية الا يستحق اقل الأحوال متابعة ارقام ونسب "سكره وضغطة" ؟ ام تتعذر بمشاغل الدنيا الفانية ؟!
⭕ من تناسى نفسه واجتهد بالدعاء لك منذ صغرك حتى كبرك هل ذكرته بدعوه صادقة بقلب حاضر ام فقط دعوت له بحركة لسان إعتادت عليه الشفتان ؟
⭕ هل اخترت للحديث معه افضل الألفاظ وأرق العبارات ام ان ذلك الانتقاء لا يستحقه الا مديرك فقط ؟!
⭕ بعد كبر سنه وصعوبة حركته هل قمت على شؤونه الخاصه وتفقدتها بنفسك كحلاقة مايحتاج وتقليم أظافره وكي ملابسه وتعطير فراشه والإهتمام بهندمته فهو بشر تتوق نفسه لكل جميل، ام انك ترى لا حاجة له بذلك لأنه رجل مُسن ؟!
⭕ بعد ان كثر مدحك لابنائك وتشجيعك لهم هل ذكرت احد قصص والدك القديمة ومدحته عليها لتشعره بالقوة والإعتزاز ؟
⭕ هل فكرت بطرق لإدخال الفرح على قلبه الضعيف كهديه رمزيه او مبلغ مالي لأنه يراها بمنظور مختلف عن منظورك، فالهديه تعني له عدم نسيانك له، والمبلغ حتى و إن كان بسيطا يعني له الكثير مما لا تعرف قيمته الا اذا أصبحت انت مكانه .
⭕ على مر الأعياد الكثيرة هل خطر ببالك تحويل 100 ريال لِـ "فراطة" فئة 5 ريالات واعطائها ابيك ليوزعها صباح العيد للأطفال لتشعره بديمومة قوته ؟
قد يقول احد القرّاء هذه أمور عِظام قد يكون مبالغ فيها، جواب ذلك في قول الرسول صلى الله عليه وسلم "ففيهما فجاهد" فشبه معلم البشرية بر الوالدين بالجهاد التي هو اصعب شي على النفس، لما فيه من تعب وتضحيات قد تصل إلى فقد الحياة .
أيها الأفاضل ،،، سلوا كل من فقد أباه وحُرم مجالسته والحديث معه ماذا يتمنى ؟
فالأب لم يحس بوحشته إلا من فارقه، ولم يتخيل خوف ووجل وألم فراقه إلا من دفنه بالتراب، حينها لا ينفع الندم ولا يجدي البكاء ولا العويل .
وما ابلغ ابيات الشاعر خلف الأسلمي الشمري الذي ولد بيوم وفاة ابيه فأنشد بعد كبره مخاطباً ابيه في قبره قائلاً :
يابوي ماينفع بعد فايت الفوت
لا قلت لك موتك طعن جوف الأعياد
شفني وانا رجال واكدح على القوت
أغار من كلمة " يبه " بين الأوغاد
كل الجروح تطيب يابوي وتموت
الا جروحك بالحشا دايم جداد
القارئ الكريم ،،،،
ابشر بالخير كله ان كنت باراً حقيقياً، وتدارك نفسك ان كان غير ذلك، فالعمر محدود وملك الموت قريب وموجود، فالبدار البدار قبل ان ينكشف العوار وتبين الأسرار حينها لا ينفعك الندم ولا تُجدي حرقة الألم .
كتبه : سعود الغليسي
التعليقات 7
7 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
راضي الشمري - مشار حائل
30/07/2017 في 8:17 م[3] رابط التعليق
اللهم وفقنا لطاعتك ورضاك وارزقنا البر بوالدينا وطاعتهم فيما يرضيك انك انت القادرعلى ذلك
يااااااااارب
ووفق كل مسلم لطاعتك ثم طاعة والديه بمايرضيك
اللهم احلنا من والدينا واعف عنا ان قصرنا بحقهم او حق كل من له حقا علينا
اللهم ارزقهم العفو والعافيه والمعافاة الدائمه وارحم جميع امواتنا
الف شكر شيخنا الفاضل سعود الغليسي على هذا الكلام الطييب كطيب معدنك
وعلى تذكيرك للجميع بحق أغلى البشر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم
واسال الله تعالى ان يجعل ذلك في ميزان أعمالك وان يجعل كتاباتك هذه عملا صالحا ينتفع منه المسلمون ويبقى أجر ثوابه لك حتى بعد وفاتك
وارجو منك الاستمرار بهذه النصائح الهادفه والمفيده مهما كلفتك من الجهد والوقت ومهما لاحظت من تجاهل البعض لأهميتها فإن الله تعالى لايهمل اي عمل للمسلم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(0)
(0)
بندر الحامد
31/07/2017 في 12:09 ص[3] رابط التعليق
أبدعت كعادتك وهذه المرة هي الأجمل والأرقى
ولقد وفقك الله لطرق هذا الباب المهم والمهمل من البعض
ولمست الجرح الذي يصعب وصفه والتحدث عنه لأنه يأتي فجأة وبقوة وحسرة لاتعرفها الا بعد حدوثها، فتخيل انك متكأ على جدار قوي ولاتشعر بقيمته الحقيقية ولا بحجمه الكبير الا بعد ان يسقط وتجد نفسك مذهولاً ونادماً
اسأل الله الغفور الرحيم ان يغفر لأبي ويرحمه كما رباني صغيرا ، رغم انه عاش يتيماً ولم يرى والده رحمهما الله
ورغم ظروف المعيشة والحياة الصعبة فقد بدأ حياته من الصفر و نشأ على طاعة الله
عزيزاً كريماً ومكافحاً وحافظاً لكتاب الله ومحافظاً ومقدساً لصلاته حتى انه فارق الحياة وهو جالساً يصلي في المسجد ، قبل ان تسمح لنا الظروف برد ولو جزء بسيطاً من حقوقه،كنت اظن ان الوقت سيمهلني حتى اقوم بتعويضه واسعاده
من كان والده على قيد الحياة فلا ينتظر حتى تسمح له الظروف بل عليه ان يبادر ببره واسعاده ويجعلها من أهم أهدافه في الحياة ومن أولوياته
(0)
(0)
ابو نواف ال خاطر
31/07/2017 في 1:17 م[3] رابط التعليق
اسال الله الرحمة والمغفرة لوالدي وجعل الله قبره روضة من رياض الجنة ووالديكم وجميع موتى المسلمين –
أسال الله أن ينفعنا بما كتبته شيخنا الفاضل وجزاك الله كل خير على هذا الطرح المفيد والتوعوي لشبابنا وفقهم الله ووفقنا جميعا لما يحبه الله ويرضاه –
(0)
(0)
سفر بن سيف آل عادي
31/07/2017 في 1:37 م[3] رابط التعليق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الله يجزاك خير وينور بصيرتك احسنت
بارك الله فيك وحرم الله وجهك عن النار
مواضيعك هادفه ومفيده جعلها الله في موازين اعمالك ياطيب الوالدين
(0)
(0)
عائض فهد آل كدم
01/08/2017 في 1:16 م[3] رابط التعليق
“سلوا كل من فقد أباه وحُرم مجالسته والحديث معه ماذا يتمنى ؟”
احسنت فيما كتبت وجزاك الله خير, وقد قلبت المواجع على فراق الوالد غفر الله له ولجميع المسلمين . وهي فرصة لكل مقصر في خدمة والدية ان يعود قبل الفوات واذا فات الفوت ماينفع الصوت .
(0)
(0)
محمد الجـــــــابري
07/08/2017 في 6:22 ص[3] رابط التعليق
* قصيده عن بر الوالدين لأبن القيم رحمه الله *
زر والديك وقف على قبريهما
فكأني بك قد نقلت اليهما
لو كنت حيث هما وكانا بالبقا
زاراك حبوا لا على قدميهما
… ما كان ذنبهما اليك فطالما
منحاك نفس الود من نفسيهما
كانا اذا سمعا أنينك أسبلا
دمعيهما أسفا على خديهما
وتمنيا لو صادفا بك راحة
بجميع مايحويه ملك يديهما
فنسيت حقهما عشية أسكنا
تحت الثرى وسكنت في داريهما
فلتلحقنهما غدا او بعده
حتما كما لحقا هما ابويهما
ولتندمن على فعالك مثلما
ندما هما ندما على فعليهما
بشراك لو قدمت فعلا صالحا
وقضيت بعض الحق من حقيهما
وقرأت من ءاي الكتاب بقدرما
تستطيعه وبعثت ذاك اليهما
فاحفظ حفظت وصيتي واعمل بها
فعسى تنال الفوز من بريهم
(0)
(0)
عبدالله الجسار
08/09/2017 في 6:06 ص[3] رابط التعليق
سلمت الله يعطيك العافيه
(0)
(0)