بأي اللغات نعرف الفساد بل بأي المفاهيم نتحدث عنه أنه جريمة في حق الدين والأخلاق والقيم والمبادئ والإنسان والإنسانية والفرد والمجتمع بأسره.
لم ينتشر الفساد في مجتمع إلا وهدم حاضره وأوقف كل عجلات التنمية والرقي والتطور، فالفساد منظومة تهدف إلى تعطيل وصول الحق إلى أصحابه مهما اختلفتْ في أشكالها وصورها إلا أنّ لها وجهًا واحدًا لا ينكره إلا جاهل مراوغ سرقة مبطنة.
خطت المملكة العربية السعودية خطوات موفّقة ومباركة نحو التغيير ومكافحة الفساد على اعتبار أن الفساد مرض لابد من استئصاله واجتثاثه من عروقه.
نحو مجتمع أفضل آمن مستمتع بحياته في ظل العدل ورفع الظلم والأخذ على يد الظالم مهما علا شأنه وكانت مكانته.
الفساد يتمثل في عدة أشكال وصور ابتداءً من الأسرة والفرد ثم المجتمع ، وسأتحدث عنه بالإجمال لا التفصيل.
تلعب الأسرة دورًا هامًّا وكبيرًا في بناء شخصية أبنائها من غرس القيم والمبادئ وتربيتهم على الخلق والدين لكي يعتادوا على العفاف والكفاف ولئلا يبحثوا عمّا عند الآخرين ويعتبروه حقاً مشروعاً لهم ينبغي عليهم أخذه ، وأن يقام العدل بين الابناء والبنات في المعاملة والعطاء ولا يميز أحدهم على الآخر ، وأن ينشؤوا على تحمل المسؤولية والبحث عن الرزق الحلال.
قال تعالى : ( يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ )(168) سورة البقرة.
ثم يأتي دور المؤسسات التعليمية في تربية الناشئة وتعليمهم مكارم الأخلاق والآداب من خلال بث الوعي وتثقيفهم ، وترسيخ أهمية العلم والعمل المشروط بالكسب الحلال في نفوسهم مقابل ما يبذل من العمل والجهد ،فالسماء لا تمطر ذهباً.
وتقع على عاتق الجهات الحكومية مسؤولية كبرى في مكافحة الفساد واجتثاثه من أصوله من خلال المتابعة والمراقبة والمحاسبة وأن لا يترك الحبل على الغارب خطوة نحو التغيير تقي المجتمع الكثير من آفات الفساد.
الفساد ليس فقط في سرقة الأموال فله أوجه كثيرة يتمثل في طمس الحقائق ،الرشوة،التزوير،المحاباة، النفاق ، المجاملة ، الإقصاء، بدوافع المصالح والأهواء الشخصية ، منع حق ، إقرار باطل ، مصادرة الجهود، والسعي بالفتنة ، والإشاعات ..الخ.
يعرف الفساد على أنّه ظاهرة من الظواهر الاجتماعية الخاطئة، وهي منتشرة بكثرة في جميع المجتمعات وخاصة المجتمعات التي تقل فيها الرقابة والمحاسبة، وهي من الأساليب الخاطئة التي يتبعها فرد من أفراد المجتمع، من أجل تحقيق مكاسب ومصالح شخصية على حساب الآخرين، وبذلك فهي خروج عن القانون والعرف السائد في المجتمع الذي يعيش فيه الأفراد الفاسدون، واستغلال للمناصب الرفيعة وذات السلطة والسيادة في الحصول على ممتلكات الغير، سواء كان هذا الاستغلال لصالح فرد أو لصالح جماعة، مع غياب القوانين والعقوبات الرادعة لمثل هؤلاء الأفراد.
إن الشعور بالانتماء لهذا الوطن يجعل كل فرد من أفراده درعُ حصين في وجه كل مفسد فلا محابة ولا مجاملة ولا نفاق ولا تعطيل لمصالح أيّ فرد في المجتمع على حساب الآخر.
أن نحارب الفساد بشتى طرقه وأشكاله وأن نكون حراس الأمن ودعاة الفضيلة لأن الثمن غالي وغالي جداً، أن لا نساوم على مقدرات ووممتلكات الوطن.
أن نكافح الفساد لأنه يهدد أمن وطننا واستقراره فهناك من يتربص بنا ويريد تفريقنا وتشتيت شملنا ؛ يخطط في الخفاء ليسرق أحلام وأمنيات شعبنا ووطننا.
والفساد من أشد أنواع الظلم كما صوره الشاعر محمود الورّاق في هذه الأبيات الجميلة:
إني وَهَبْتُ لظالمي ظُلْمـي وشكرْتُ ذَاكَ له على عِلْمِي
ورأيتـه أسْـدَى إلــيَ يداً لَمَّا أبان بجَهْلِهِ حِـلْـمِـي
رَجَعَتْ إساءتُهُ عليه، وَلِـي فَضْل فعادَ مُضاعَفَ الْجُرْم
فكأنما الإحْسَـانُ كـان لـهُ وأنا المُسيءُ إليه في الزّعْمِ
ما زال يَظْلِمُني وأرحـمـهُ حتى رَثَيْتُ له من الظّـلـم
فاطمة الجباري
الفساد آفة وجريمة
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://alraynews.net/articles/6377369.htm
التعليقات 16
16 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
ام عمر القحطاني
14/11/2017 في 5:09 م[3] رابط التعليق
اللهم من اراد الفساد في البلاد والعباد فاكشف ستره واكفنا شره ..مبدعه كالعاده بالتوفيق عزيزتي
(0)
(0)
منيرة عبدالعزيز
14/11/2017 في 5:14 م[3] رابط التعليق
مقالة جميلة كجمال روحك يافاطمة
(0)
(0)
نوره مشرف
14/11/2017 في 5:34 م[3] رابط التعليق
تسلم انامك استاذه فاطمه كلام جميل وواقعي الله ينفع بكلامك وخبراتك المسلمين تقبلي شكري لك
(0)
(0)
اماني الجابري
14/11/2017 في 5:47 م[3] رابط التعليق
جميل استاذة فاطمة جمعتي الجمال في سطور قليلة✏?
(0)
(0)
فاتن سلام
14/11/2017 في 6:02 م[3] رابط التعليق
نعزز جهودك وبارك الله فيك.
(0)
(0)
نعيمة نصاري
14/11/2017 في 6:03 م[3] رابط التعليق
طرق له أثر ورقي في بحر الكلم واتزان في الطرح لتحقيق الفائدة وفقك الله ✨??
(0)
(0)
غلاووي
14/11/2017 في 6:13 م[3] رابط التعليق
سلمت يداك ولا فض فوك
نعم الفساد هو تعطيل لكل المجتمع بجميع اطيافه
تعطيل لممتلكاته وخيراته وحاضره ومستقبله فيجب اجتثاثه من أصوله حتى يعم الامن والعدل والرخاء وطننا الغالي
(0)
(0)
حميد
14/11/2017 في 6:22 م[3] رابط التعليق
موضوع راقي شكرا على النشر
(0)
(0)
ام دانه
14/11/2017 في 6:59 م[3] رابط التعليق
????
(0)
(0)
ام دانه
14/11/2017 في 6:59 م[3] رابط التعليق
صدقاً بارك الله فيك ياأختي
(0)
(0)
haya
14/11/2017 في 7:36 م[3] رابط التعليق
مقال رائع زادك الله من فضله أختنا فاطمه
(0)
(0)
Skarh0
14/11/2017 في 8:38 م[3] رابط التعليق
مبدعه كالعاده بمقاله
لم ينتشر الفساد في مجتمع إلا وهدم حاضره وأوقف كل عجلات التنمية والرقي والتطور، اسعادك الله ?
(0)
(0)
الحازمي
15/11/2017 في 6:41 م[3] رابط التعليق
اقبط قراء الصحيفة على متابعة مبدعة مثلك يا استاذة، ابداع في اختيار الموضوع، وابداع في كتابتك عنه.
الفساد لا يحتاج الى جهد في تعريفه فهو كالسوس يتسلل ويعيش في داخل بعض النفوس الللئيمة ويصيبها بالتلف والعفن الذي يشم رائحته الكثيرون. دون ان يشمه الفاسد،
وهو من وسائل التخلف والفقر ،ولا يقتصر الفساد على المال بل على العقول التي ان فسدت اضرت
الحمد لله جهود حكومتنا الآن وكل حين تحاربة وكفانا الله شره،
لا تنمية ولا تقدم مع الفساد،،شكرا لك يا استاذة. وما كتبتيه يكفي عن اي تعليق
(0)
(0)
سعاد العسيري
15/11/2017 في 8:28 م[3] رابط التعليق
روووووعه اعجز وانا اقول روووعه ابدعتي فبلغتي مقال في قمة الرووعه جعله الله في موازين حسناتك
صح لسانك ??❤
(0)
(0)
ايمان طيب
16/11/2017 في 10:16 ص[3] رابط التعليق
مبدعة كالعادة بارك الله لك
(0)
(0)
Lama
28/11/2017 في 5:38 م[3] رابط التعليق
مبدعه جدا و اتفق معك بكل جزء
(0)
(0)