إن أسوأ إحساس،ممكن أن توصله لإنسان قريب منك!
هو أن تستهين بغضبه.
أن تكرر نفس الأخطاء والتصرفات التي تجرحه..
لا يوجد أسوأ من أن يشعرَ أحدهُم باختلالِ تقديرهِ عندك، بعدما كان يظّن نفسه في منزلٍة عالية..
نحن لانخسر علاقاتنا عادةً بمشاكل كبيرة حاسمة..
بل بتراكم الخيبات..
تروي لي طبيبة نفسية حالة أم حضرت إلى عيادتها تطلب العلاج والمشورة لاعتقادها أنها مريضة وأنها ظلمت ابنها ولذلك هي لاتستطيع أن تفهم ابنها أو تتعامل معه..
سألتها الطبيبة عن طبيعة العلاقة بينهما قالت ابني يكرهني ويفسر كل تصرفاتي أنها ضده لايقبل مني نقاشًا أو حوارًا أو استنكارًا أو توجيهًا الخ..
بمجرد أن أخالفه الرأي في أي أمر يخص حياته أو حياة الأسرة يثور بشكل يصعب السيطرة عليه ويتهمني بأنني أكرهه ولا أحبه ولم أقدم له أيّ حب أو معروف ولم أعطه حقه من الحب والعطف والشفقة مثل باقي اخوانه وأخواته وأنني اتصيّد أخطاءه وأنني الخ..
سيل من التهم والاسقاطات والنقد والتجريح وكأني عدوته اللدودة ولست أمه التي كابدت الحياة وتحملت الكثير والكثير من أجله وأجل أخوته حتى لايتفرق شملهم ويضيعون في دروب الحياة حتى لايقال عني أنانية اختارت راحتها وسعادتها على حساب راحة أبنائها وسعادتهم..
أريد أن يذكر لي حسنة واحدة فقط قدمتها له..
دكتورة أنا تعبت ولم أعد احتمل قسوته وكلماته اللاذعة أنا تقدمت في العمر وداهمتني الأمراض من كل مكان لم أعد حمل تجريحه وتأنيبه..
فكرت في مقاطعته نهائياً لن أحدثه ولن أمنحه من وقتي وراحة بالي أكثر لأنني تعبت منه هو لن يتغير وأنا لم أعد أحتمل..
أنهت كلامها بعد أن أخذ منها جهدًا بالغًا فقد بكت كثيراً وتقطعت أنفاسها وكتمت عبرتها وشهقاتها وتغيرت نبرتها وتساقطت دموعها ،تفطر قلبي وأنا أسمعها تشتكي منه ومن سوء خلقه وفظاظته وغلظته
بلغ منها الأسى كل مبلغ وسيطر الهم والحزن على ملامحها الجميلة..
لايمكن لذلك الوجه إلا أن يكون رحيماً ولا لذلك القلب إلا أن يكون عطوفاً ..
أردت أن أهدّئ من روعها قلت لها أنتِ بخير ولست مريضة وقلبك طيب وروحك جميلة وفكرك ناضج وإنسانة واعية تدركين معنى الابتلاء..
أريد أن أطمئنك أن الله يحبك فابتلاك في أحب الناس إليك وأقربهم منك ليختبر صبرك وقوة إيمانك لتعودين إليه في سجدتاك ودعواتك وتذكرين ابنك بدعوة ولنا في قصص القرآن الكريم عبر وحكم فنبيّ الله نوح ابتلي في ابنه وهو نبي ولم يملك له الهداية اصبري وادعي الله أن يرده إليك رداً جميلاً..
قبل الوداع:
هذه الأبيات لكل ابن أبكى أمه وأحزن قلبها بليغة في المعنى تصف معاناة أم ثواب الهزانية:من عنزة بن أسد بن ربيعة بن نِزار، مع ابنها:
رَبَّيْتُهُ وَهْوَ مِثْلُ الفَرْخِ أَعظمُهُ
أُمُّ الطَّعامِ تَرى في ريشِهِ زَغَبَا
حَتَّى إذا آضَ كالفُحَّالِ شَذَّبَهُ
أَبَّارُهُ ونفى عَن مَتنِهِ الكَرَبَا
أَنْشَا يُخَرِّقُ أَثْوابي ويَضْرِبُني
أبَعْدَ سِتِّينَ عِنْدِي يَبْتغي الأدبَا
إنِّي لأُبْصِرُ في تَرْجِيلِ لِمَّتِهِ
وخَطِّ لِحْيَتِهِ في وَجْهِهِ عَجَبَا
قالَتْ لهُ عِرْسُهُ يَوْمًا لِتُسْمِعَني
رِفْقًا فإنَّ لنا في أُمِّنا أرَبَا
ولَوْ رَأتْنيَ في نارٍ مُسَعَّرَةٍ
مِنَ الجحِيم لزَادَتْ فَوْقَهَا حَطَبَا
بقلم / فاطمة الجباري
التعليقات 13
13 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
حصة العنزي
01/10/2019 في 8:41 م[3] رابط التعليق
اللهم علمهم ماجهلوا،وذكرهم مانسوا،وفتح عليهم من بركات السماءواﻷرض،إنك سميع الدعاء….اللهم أمين.
(0)
(0)
ام باسل
01/10/2019 في 8:43 م[3] رابط التعليق
كلمات رائعه و جميله ???
(0)
(0)
هدى خليل الطويلعي
01/10/2019 في 8:59 م[3] رابط التعليق
قسوة الأبناء عليك اشد وطئه من اي سوط وما لنا الا الصبر والاجر على الله .
(0)
(0)
أم محمد القحطاني
01/10/2019 في 9:02 م[3] رابط التعليق
لا فض فوك ولا انطوى لك منبر يالغاليه ❤?
(0)
(0)
وداد الجباري
01/10/2019 في 9:07 م[3] رابط التعليق
سطرتي اجمل الكلمات ووصلت للقلب
(0)
(0)
فاطمة الزهراني
01/10/2019 في 9:22 م[3] رابط التعليق
(رفقا فإن لنا في أمنا أربا) كم من حاجات لنا فيمن حولنا خسرناها بسبب إهمالنا لهم وانشغالنا عنهم.
سلمت فاطمة ودمت متألقة دوما.
(0)
(0)
نوف الدويش
01/10/2019 في 10:14 م[3] رابط التعليق
اللهم ارزقنا بر والدينا ?? شعور مؤلم وصل القلب ابدعتي كعادتك استاذتي الفاضله
(0)
(0)
لولوة الوهيبي
02/10/2019 في 8:22 ص[3] رابط التعليق
كلامك رائع بروعتك يالحبيبة ومهم في هذا الزمن
اللهم اصلح ذرياتنا واجعلهم ذريه مباركه طيبه واجعلهم قرة عين لوالديهم وانبتهم نباتا حسنا يارب
(0)
(0)
فايزة الثقفي
02/10/2019 في 11:31 ص[3] رابط التعليق
سلمت الانامل أستاذتي الغالية
ومع الاسفه هذا مايحدث في عصرنا نسال الله الهدايه لنا
وفي انتظار تغاريد 68
(0)
(0)
بدرية سعد
02/10/2019 في 12:49 م[3] رابط التعليق
إنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ
يارب صبراً لقلوب أمهات أرهقتهن أفعال وأقوال الأبناء
(0)
(0)
هند جارالله العيد
04/10/2019 في 3:47 م[3] رابط التعليق
اللهم أرزقنا البر بوالدينا وأرزقنا البر بأبنائنا بالتربية والتوجيه والدعاء لهم وأرزقهم البر بنا
(0)
(0)
ميلاد
06/10/2019 في 11:31 ص[3] رابط التعليق
ماشاء الله عليك يا أ.فاطمة لله درك ولا فض فوك،(نحن لانخسر علاقاتنا عادةً بمشاكل كبيرة حاسمة،
بل بتراكم الخيبات) كم هو موجع هذا الشعور ، كيف ترضاه لمن اقتسمت معك روحها وعافيتها؟! نسألك يالله أن تردهم ردًا جميلاً.
(0)
(0)
مليحه القحطاني
10/10/2019 في 3:54 م[3] رابط التعليق
رائعه كلماتك استاذه فاطمه وفقك الله ورعاك
(0)
(0)