حين تطرق أسماعنا هذه الكلمة تنقبض منا القلوب، ويحلّ وجع لا نعلم عنه إلا أنه ارتبط فينا بالفراق الموجع حدّ البكاء.
الرحيل الأبدي رحيل لا حيلة لنا فيه ولا خيار حين يأتي، يرحلون بأجسادهم وتبقى تفاصيلهم تزورنا ليل نهار، تنتزع من سويداء القلب آهات حرّى، وتطفر دمعات قد لا ترى، وينبت الحزن غابات لا يُرى من خلالها الفرح إلا ابتسامات باهتة لا إحساس فيها ولا لون.
الرحيل المفاجئ وبلا مقدمات موت آخر للحيّ يعزى فيه قلبه الموجوع، إذ لم يحدث نفسه يوما أن يعيش هذه اللحظة ولم يكن مستعدا لتلقي وامتصاص صدمتها فيكون ألم الفقد مضاعفا..
الراحل يعيش بيننا ذكرى وإن غاب جسده، يخيل إلينا صوته، ننتظر قدومه، نسمع خطواته، نراه في عيون محبيه لوعة لا تكاد تغادرهم أبدا حتى وهم يتدثرون بالفرح، وهذا أقسى أنواع الرحيل!
ثم يأتي الرحيل المرّ رحيل من رسم معك تفاصيل لحظاتك، قاسمك الهم قبل الفرح، رحيل توأم الروح الذي يمتطي صهوة الوشاية أو العصبية أو الشك ليمخر عباب بحر الفراق هو يبكي ألما وأنت تبكي دمًا، فراق يقتلك حين لا تستطيع أن تظهر براءتك!
الرحيل المزعج الرحيل عن الديار وآآآه من الرحيل عنها تحت أي ظرف إذ لا شيء يعدل حب المكان بتفاصيله، من بشر وشجر وحتى حجر، فراق الديار والرحيل عنها غيبوبة قد تطول فيختلف عليك المكان تختفي ملامحه التي اعتدت أن تراها والصقتها في ذاكرتك حبا وانتماء، وحين تعود ولو بعد زمن تعود للحب وإن اختلف عليك..
الرحيل بكل أنواعه مرّ وموجع لاسيّما حين يُفرَض عليك إذ ليس هو ذاك الرحيل الذي تبحث عنه! كالرحيل إلى قلوب الآخرين بشخصيتك الماتعة الجميلة بالكاريزما المميزة لك، أو الرحيل حيث ملكوت السموات والأرض تفكرّا وتدبّرا ليرتقي بك الفؤاد إلى الإيمان العميق بالله.
قد لا نحب الرحيل الجسدي ولكن يجب أن نحب ونسعى للرحيل المعنوي بالعقل والقلب والسمع والبصر.
( ارحل فالأفق واسع)
التعليقات 2
2 pings
B.k
29/03/2020 في 3:09 م[3] رابط التعليق
مبدعه ومتألقه كعادتك ❤
(0)
(0)
سعاد البلوي
30/03/2020 في 6:09 ص[3] رابط التعليق
بالفعل الرحيل موجعا ينتزع منا الشعور والاخساس بالزمن ثم بنعمة النسيان يبدأ يتدرج بالرحيل شيئا فشيا فتصبح صورة الراحل في بقاع الذاكرة
مقالك رائع كروعة روحك المعطاة
(0)
(0)