يعيش الإنسان في هذه الحياة ويخوض رغمًا عنه تجارب يتوجع منها ، وقد ينظر من ثقوبها إلى ضيق الحياة، قد تعتليه لمدة غير قصيرة ، وتتعارك بداخله الظنون بين الأمل واليأس، وقد يطارحه أزمنة عديدة ظن اليأس أنه الغالب، وتتغلق في نفسه فجاج الأرض الواسعة، حتى كأنه ينظر من ثقب إبرة لهذه الدُنيَا.. وتمر نسائم الرحمن الباردة بين أضلعه، وتنساب بداخله وكأنها تطلق دقات القلب بكل قوة ليستشعر كلام الله "فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا".
لتزرعها في روحه وتجعلها يقين يدركها بين طرفة عين و انتباهتها ليتغير بأمر الله حاله من حال إلى حال لم يكن يدركه لولا لطف الله .. ويرى بعينه يقينًا كف أن أمر الله بين حرف النون والكاف .. فلا تجزع وصبر وكن على يقين أن الله معكم مهما بلغت من الضيق والنصب والتعب....ونظر بعين المتمعن لتلك الحوادث كيف أحداث فيك شيء قد كنت قبله ضعيفًا هش، ضيق الأفق تنظر بحدود وبقدر معين قد لا يتجاوز نظرك محيط أقدامك، ولم تمر بتلك الظروف إلا ليخبرك الله أن معية الله وحدها هي ما تستند عليه في هذه الحياة وبها تعبر طريق الحياة، وهذه التجارب ماهي إلا رصيد معرفة جاءت لتُهَذِبك وتكشف لك كيف أن الحياة لها نسيج مختلف تمامًا عما قد نسجنا في عقولنا، وتربينا عليه من طيب ونقاء وتعامل على السجية، ينظر لها السفيه بعين الاستهداف فيما ينظر لها العقل بعين المعتبر الفطن، متعلمًا من وقائعها على قلبه وقارئًا لسطور أحداثها حتى وإن بكاء بدلًا عن الدمع دم، الدُنيَا قاسية تتبدل بين ساعة وضحاها ولا ترحم ولا تشفق وما يدور برأسك لا يصل لمن هو أقرب لك من روحك، وتبقى نظرة الإنسان لربه والحياة هي الحكم والفصل في طريقة تعامله ومدى استفادته منها.