قبل عدة سنوات برز المتحف الخاص الأول بطريب. لم أخفي سعادتي كغيري بهذا الجهد الرائع الذي قام به إخوتي وزملائي أبناء المرحوم بإذن الله الشيخ علي بن سعيد آل نومه. وهذا العمل الرائع ينم عن أصالة إنسان بلادنا السعودية الغالية.
وقبل أن أوجه العتب لإخوتي أصحاب المتحف، لا بد من التوقف قليلاً عند شيء ربما لا يعرفه حتى القليل عن مؤسس وصاحب المنزل الذي لا أشك أن الفضل بعد توفيق الله يعود له في أن يصبح متحفاً مع انه رحل عن دنيانا قبل ذلك بسنوات طويلة.
العم علي رحمه الله يحمل توجهاً وفكراً مختلفين. وقد عانا كثيراً مع محيطه الصغير والكبير بسبب عدم فهمهم لطبيعته ومستوى تفكيره. صحيح أنه رجل بدوي ويمثل حياة البادية بخشونتها وفروسيتها، وهو واضح جداً فيما يريد قوله ومع ذلك لم أرى أرق من قلبه للناس بالقرية وخاصةً النساء والصغار. هو ليس متعلماً بالمعنى السائد لكنه يحمل بجيبه قلماً ويوقع به ويكتب بعض الارقام والحروف القليلة. يستخدم بطريقته كلمات عربية فصيحة غير مألوفة لمن حوله. حريص على تعليم ابناءه بشكل لم أرى مثله حينذاك. ظل في حياة البداوة متجنباً الإحتكاك بحياة الناس في التجمعات السكانية (الحضر)، لكنه وهو البدوي كان متقدماً بفكره على الكثير من الفلاحين أصحاب الاستقرار وشيء من الرفاهية.
وحين قرر دمج خيمة الشَّعر ببيت الطين، بنى المنزل السكني بأرضه "المتحف" الحالي. وكلف معلم البناء اليمني المحترف "سعد جروان" ليُشيّدَه من الطين المحلي.
غضب يوماً أشد الغضب حينما وجدنا نحن ابناءه غير متفوقين في المدارس. كنت وسأضل احترمه لهيبته ولفكره ولرسمية شخصيته ولتواضعه!. استدعاني عصر الجمعة الى الدور الثاني بهذا المنزل وأجلسنا أمامه، سعود وسعيد وأنا، ثم أمرنا بقراءة قصار السور من المصحف مباشرة، وقد ازداد غضبه حينما لم تعجبه قراءتنا جميعاً. العم علي رحمه الله ظلمناه وظلمه الجميع والسبب أنه يحمل مبادئ وقيم ومصداقية عالية وغير مُتقبلة!. والحقيقة أنه لم يكن مفهوماً لنا نحن القريبين منه مكاناً، ليس لغموضه هو، فهو واضح وإنما لجهلنا نحن به. وليته حياً ليرى أن قصره لم يُهدم بعد رحيله، ولم يُترك مأوىً للثعابين والغربان.
أما العتب فهو: اليس الأقربون أولى بزيارة متحف ومنزل العم والوالد علي بن نومه؟. تمنيت أن رفقاء الحي والمدرسة ومثقفي طريب بشكل عام هم أول من يتشرف بزيارة المتحف وبلا تكلف. هذا المتحف بموقعه وتاريخه ومقتنياته وذكرياته يمثلني وإخوتي وكل أبناء طريب وخاصةً زملاء أصحابه.
أليس جميعنا الأقرب رحِماً ومكاناً من أي مشهور سناب دُعي أو سيُدعى ليقدَّم مشهداً لا يليق برسالة المتحف ولا بقيمة مؤسس القصر الراحل.
أتمنى أن يستضيف المتحف ذوي الاهتمام والتأثير الوطني من مختلف مناطق بلادنا الرائعة وسيأتون ليتحدثوا للوطن من عمق المتحف، وستصل محاضراتهم الى كل بلادنا عبر وسائل التواصل الإجتماعي. وبكل صدق زيارة المسؤول أو رجل الأعمال لن تحمل رسالة المتحف وقيمته الحقيقية خارج طريب. أخيراً أتمنى من شباب الوادي اقتفاء أثر الكُرماء أبناء العم الراحل علي بن سعيد آل نومه في حفظ التراث الوطني.
التعليقات 5
5 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
عبدالرحمن فايز ال عادي
29/04/2020 في 1:25 ص[3] رابط التعليق
رحم الله العم علي رحمة واسعة وادخله فسيح جناته وجميع أموات المسلمين
واصل ابناءه من بعده وبارك فيهم
وذلك لإحياء التراث القديم والاحتفاظ به لأجيالنا الذين لم يعرفون تراثنا
فشكرا لهم جميعا
(0)
(3)
منصور بن نومه
29/04/2020 في 1:29 ص[3] رابط التعليق
بيض الله وجهك يابو منصور والله يرحم الوالد الشيخ علي بن سعيد بن نومه وبيض وجه من جاد بمالة ووقته وجهده لحفظ هذا القصر الشامخ .
اما بالنسبة لمشاهير السناب الذين زاروا المتحف فلم توجه لهم دعوة بل كانوا زوارا للمحافظه وتواصلوا معنا للإستمتاع بمشاهدة المقتنيات الأثرية وحياة الأجداد سابقا ولم نستطع ان نرفض طلبهم كونهم ضيوف علينا والمتحف لأهل طريب ومرحب بأي رأي او أي زائر او اي اضافة تعود بالنفع على المكان وشكرا لكم .
(0)
(5)
سعيد شايع بن عوضه ال عادي
29/04/2020 في 4:24 ص[3] رابط التعليق
مقال جميل
ورحم الله الشيخ علي بن سعيد بن نومه
المحافظه على التراث واجب وطنى ويهم الجميع ونشكر القائم على هذا القصر
(0)
(0)
سعد الدريس
29/04/2020 في 4:29 ص[3] رابط التعليق
كلمات من ذهب يابو منصور تشكر عليها
والشيخ علي رحمه الله كان رجل مثقف وفصيح اللسان فاكثر كلامه باللغة العربية الفصحى وكان يهتم بجانب التاريخ والآثار من خلال سواليفه في المجالس اضافة الى جوانب الكرم والشجاعة وحسن الجوار رحمة الله عليه وقد خلف رجال حذوا حذوه واكملوا مسيرته وسيرته العطره
(0)
(1)
سفر بن سيف آل عادي
03/05/2020 في 9:46 م[3] رابط التعليق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
غفر الله لشيخنا الفاضل الراحل الخال علي بن سعيد ابن نومه ولوالديه ومن له حق عليه وجمعنا بهم ووالدينا في الجنة
أسأل الله الكريم أن يبارك في ذريته ومن بعدهم وأن يعينهم ويقويهم
لهم مني الشكر والتقدير والدعاء على مايبذلونه من الجهد والمثابرة في ابراز هذا المعلم التاريخي
(0)
(0)