السعودية والحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي يؤكدون في ليلة 18 ديسمبر 2020، وفاء والتزام الحكومة والمجلس الانتقالي بتنفيذ فصل القوات في أبين ونجاح إعادة انتشارها في عدن وغيرها. هذا خبر سعيد وفأل خير. وهناك شيء من الحذر والشك والقلق، فالمكان هو اليمن حفظه الله من الغادرين والإرهابيين.
السعودية سند اليمن وكل الجيران تمتدح التزام الأطراف الموقعة على إتفاق الرياض. ومباشرة يتم إعلان ولادة الحكومة الموسعة التي ستعمل من عدن. هذه إنفراجة كبيرة وأخبار سارة ومُبشرة. وبلا شك هو خبر سيئ للحوثي وللدوحة وطهران وانقرة، وللمبعوث الأممي "مارتن قرفث" وبلاده الصديقة صاحبة الخبرة العتيقة بالمكان والإنسان والتاريخ وذات النوايا الحسنة والقلب الرحيم الذي يزرع الوئام والإستقرار بالمنطقة. والخير لا يستغرب من اهله.
يبقى الأمل في الله أولاً ثم في قيادة التحالف العربي العظيم والخارجية السعودية بأن لا يطمئنوا لما حدث من خطوات إيجابية، فهي قد تكون صادقة ومثمرة وهذا ما نرجوه أو ربما أنها أحد الخدع ومحطات الحيل والتآمر التي تُدار من طهران والدوحة وصنعاء المحتلة.
هذه المواقف الحكومية والإنتقالية الجنوبية والسعودية والإماراتية تثبت أن الحل ممكن وفي المتناول متى ما اقتنع بها أصحاب الأرض هناك. ولكن إذا لم يرافق العمل السياسي الحالي والمراقبة "إستخدام مباشر للقوة" لضمان تنفيذ كافة البنود حتى النهاية فالأمر مجرد إستراحة غادرة متكررة، وهناك ألف حيلة يتقنها الأشرار للنكوص والإنهيار. نعم قلت "استخدام القوة" ضد الطابور الخامس المعروف هناك، وضد رؤوس الفتنة والمرتزقة من مشائخ وموظفين وعملاء وقادة سواء عسكريين أومدنيين، ومهربين ومتخابرين مع الحوثي.
وكل هؤلاء من داخل اليمن ومحيطه يراقبون مدى كفاءة وجدية التحالف والاستخبارات على الأرض، ويراقبون هل سيتم استخدام القوة والإستهداف المباشر والسريع ضدهم أم لا!، وعلى ضوء ذلك سيحددون مواقفهم فإما التواصل مع ميليشيا الحوثي وتنظيم قطر وزبانية أردوغان، وإما الإلتزام بالإتفاقية والولاء التام لليمن والتحالف، ولكن هذا في حال أدركوا أن الأمر ليس مزحة وليس المهادنة وسياسة الإنتظار وإعطاء فرص التمييع للسيد مارتن جرفث.
لن يجدي لتنفيذ الاتفاق وما بعده إلاّ سياسة الضغط الهائل واستهداف للمخربين أياً كان موقعهم ومستواهم ومسؤولياتهم، وبالمناسبة هم عقلانيين ويفهمون هذه اللغة ويتفاعلون معها إيجاباً وينصاعون ويحترمون من يحترمهم من مبدأ القوة والمحاسبة العسيرة.
أرجوكم، لا تغمضوا أعينكم للحظة واحدة. وكثفوا الإستخبارات على الأرض. نعم "على الأرض". واستهدفوا رؤوس الغدر والفتنة والخيانة وسيرتدع البقية. وجميعنا في التحالف وكل العالم يعلمون أن تنفيذ إتفاق الرياض وقبوله لم يأتي بقناعة الجميع ولا من منطلق حرص البعض على البلاد، وليس نابعاً من وطنية مجرمين غادرين معروفين وهذا ليس إتهاماً بقدر ماهو واقع يعترف به الشرفاء الجيران. والضغط الشديد واستهداف رموز الغدر سينقذ اليمن في أصعب مراحله عبرالتاريخ.
اخيراً وباختصار: الإتفاق بذاته ليس هو الغاية بل الوسيلة لتوحيد الجهد ضد ميليشيا ايران الحوثية وصولا للسلام والوئام والتنمية باليمن وهذا كله لن ينجح أبداً إلا بضغط مباشر وقوي ومتواصل على من تعرفونهم هناك وتعرفون سياساتهم وأماكنهم. هذا في مصلحة اليمن والجميع وفي غير صالح ثورة ايران وأردوغان والإخوان ومرضى الدوحة.
عبدالله غانم القحطاني
لواء طيار ركن متقاعد / باحث دراسات أمنية واستراتيجية.