الغياب الروحي أقسى أنواع الغياب؛ حاضرة بجسدي لكن روحي بعيدة محلقة في عالمي الخاص الذي أحببته ووجدت فيه راحة وسعادة دون قيود أو حدود..
غياب اختياري وليس إجباريًا بعد أن فقدت الكثير من نفسي في محاولة إرضاء من حولي بعد أن أدركت أن من احترقت من أجلهم لايكترثون لذلك..
بعد أن سمعت عبارات الاعتذار والتبرير والتقدير لمن لم يعرفوه إلا في وقت قصير وفي تناسٍ تام لما قدمته لهم في سنوات عديدة..
هنا أدركت أن لنفسي علي حقًا
قالتها: ودموعها تتساقط ونبرة صوتها تخفت ويداها ترتعش..
ربما كنت مخطئة حين بالغت في العطاء حين اعتمدت على نفسي ولم أشركهم في حزني وألمي وحاجتي لهم..
ربما كنت مسرفة في العطاء لدرجة لم يشعروا معها أنني بشر أحمل قلبًا وروحًا وجسدًا،تتعب وتفتقد وتتألم وتحزن وتفرح وتغضب..
لم أكن أشعر أنني ارتكبت جريمة في حق نفسي حين ذبت في دوامة من الواجبات دون أن أنتبه أنّ لي حقوقًا أبسطها قبلة على رأسي ويدي ..
قالتها بألم؛ فعلاً أنا من اخطأت في حق نفسها لقد حذرتني مراراً وتكراراً صديقتي بقولها أعطى لكن لاتنسي الأخذ أن لم تذكريهم بحقك لن يذكروك ..
لقد كانت محقة في كل كلمة قالتها كنت أمًّا فاشلة وأنا أعتقد أنني ناجحة
صدمة تلو أخرى، تجاهل تام لوجودي لا أعلم عن حياتهم إلا ما يذكرونه بالخطأ أمامي ..
يجدون العذر لكل من هو خارج محيط الأسرة ولاأعذار لمن داخلها.
لقد اعتادوا أن أكون قوية معطاءة لاأشتكي ولاأطلب بل أسعى لإرضائهم
وتلبية احتياجاتهم ..
انتهت من سرد قصتها وهي تنظر إلى صورة على حائط الغرفة تحمل صورة لأبنائها حين كانوا صغارًا بحنان مشوب باللوم والعتاب.
لقد كانت كلماتها رسالة إلى الأمهات قبل الأبناء لاتفرطوا في العطاء، علموا أبناءكم أن لكم حقًا عليهم منذ نعومة اظافرهم فجيل اليوم ولد في زمن غير زمانكم ؛جيل صنعته النعمة، اعتاد أن يطلب ويأخذ ولم يعتد أن يعطي، جيل صنعته وسائل التواصل الاجتماعي وحياة المشاهير، لايكترث بالكيف بل بالكم..
جيل لم يتربَّ على أن الأم والأب لايعوض غيابهما صديق ولا قريب ..
قبل الوداع:
الغياب يمثل فرصة للتغيير، فرصة لاستكشاف الذات والخروج برؤية جديدة، منتج جديد، الذي يحضر كثيراً يحترق سريعاً..
فبعد كل ضوء حارق لا بد من استراحة في ظل بارد..
بقلم: فاطمة الجباري
التعليقات 9
9 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
فيروز العتيبي
10/06/2021 في 1:43 ص[3] رابط التعليق
جزاك الله خير اسلوب اكثر من رائع وطرح ممتع ،،
كلماتك لامست قلوبنا ، ،😔
دمتي ودام قلمك غاليتي ♥️♥️
(0)
(0)
أ. هند العيد
10/06/2021 في 2:30 ص[3] رابط التعليق
رائع وجميل هذه هي القاعدةالمثلى للتعامل مع كل المحيطين بلا استثناء بل وكلما كان الأقرب كان الأجدر بهذه القاعدة.
(0)
(0)
حنان الكلدي
10/06/2021 في 3:54 ص[3] رابط التعليق
فعلا إن لنفسك عليك حقاً ..
جميل العطاء والأجمل احتواء الذات
سلمتِ غاليتي وسلم قلمك 🌺
(0)
(0)
نوف الدويش
10/06/2021 في 7:52 ص[3] رابط التعليق
سلمك فاك كاتبتنا الرائعه
(0)
(1)
غلا آل عامر
10/06/2021 في 9:20 ص[3] رابط التعليق
كلماتك حبيبة قلب اختك وصديقتها المخلصة لامست قلوبنا قبل واقعنا المرير
دمتي ولاعدمناك ومقالاتك الجميلة
(0)
(1)
رجحه محمد
10/06/2021 في 10:45 م[3] رابط التعليق
رااااائع مقال رائع ولامس القلب ،،، حقيقه موجعه تعيش بها الكثير من الامهات ، تضحي وتعطي وتبهر بعطائها وهذا شيء جميل ولاكن ،،،،، الأجمل من ذالك حقاً ( ان لانفرط بالعطاء )وننسى انفسنا. دامت ابداعاتك🌹
(0)
(0)
فاطمة الأحمد
11/06/2021 في 7:27 م[3] رابط التعليق
عطّر الله أيامك بالخير والبركات 🌺 وصفة إبداعية جيدة علّها تُشفي من أنهكته غيابات الحياة 👌🏻 وإن كنت أجزم بأن الجزاء من جنس العمل ولو بعد حين ..سلّمك الله
(0)
(0)
سعاد عبدالله
15/06/2021 في 12:56 ص[3] رابط التعليق
روعه ويارب ماتغيب لك بسمة وتدوم هالمقالات الجميلة مثلك 🎀
(0)
(0)
لولوة الوهيبي
12/06/2021 في 6:17 ص[3] رابط التعليق
الله يسعدك حبيبة قلبي كلمات رائعه من انسانه رائعه ومتميزة ومبدعه حفظك المولى ورعاك حبيبتي
(0)
(0)