خلق الإنسان بطبعه كائن اجتماعي مرن يستطيع أن يتعايش مع مجتمعه والمحيطين به وتتسع العلاقات وتتشابك كلما اتسع المجتمع وتباينت اطيافه وفئاته وبالتالي يصعب على اغلبنا تقييم أو فهم او تفكيك هذه العلاقات اذا منها ما يرفعك إلى هام السحب ومنها ما يهوي بك إلى القاع، فن ادارة العلاقات ليس بالأمر الهين اذ أنك تتعامل مع أنفس تتباين في قدرتها على التفهم والادراك والاستيعاب وايضا التقدير لذا كان لزاما علينا لكي ننجح في صنع علاقات آمنة ودائمة أن نتعرف على نوعية العلاقات التي يمكن أن تواجهنا طيلة مراحل العمر ونحاول أن نستديم الطبيعي منها ونرمم ما تهاوى من بعضها وننأى بأنفسنا عن المزعج منها.
من أنواع العلاقات التي يمكن ان تبنيها العلاقات الأسرية وهذه ( المفترض ) أن تكون اقوى العلاقات عرى وأشدها ثبات إلا أن البعض أحيانا ومن باب الانتصار للنفس يشذ عن القاعدة الاساسية ويخرج عن النص فيقطع ما أمر الله به أن يوصل فتجده بعيدا بقلبه قبل جسده عن أسرته واقاربه فلا يحرص على تشييد بناء علاقته بهم ويضعف تواصله معهم وتكثر المشاكل بينهم فيخسر وما علم أن خسارته هنا لا تعوض أبدا ، تأتي بعد ذلك العلاقة الأجمل والأنقى والأصدق علاقة الحب في الله والتي قلما يتسلل إليها الوهن أو الضعف حتى وإن لم يتخللها لقاءات إذ يكفي أن تكون القلوب فيها سماوية وجذورها في اقصى القلب ، ترتجي ما عند الله ولا تلفت إلى الأمور الدنيوية لتعطي اثمن مالديها من مشاعر بلا زيف أو مصالح أو كذب او خداع كما هي الحال في علاقات المصالح المؤقتة ذات القواعد الهشة والسمجة حين تجعل من المصلحة ترمومتر العلاقة ترمق مصلحتها وتستميت للاستفادة من علاقاتها الموسمية والمرتبطة بمصالحها وحين تحصل على ما تريد تختفي وقد تقابلها في مكان ما وتتفاجأ بتجاهلها لك !! أما حين تمنعها مما تريد فهنا يظهر الوجه الآخر لها اذ تبدأ في نسج خيوط الاساءة لك والتقليل من شأنك وكأنك عدو لها !! وبئس العلاقة هذه ، وثالثة العلاقات تلك العلاقات العاطفية العابرة وهذه لا تندرج تحت مسمى العلاقات على الأقل في عرف العقلاء بل هي أقرب ما تكون ( للنزوة) يضيع معها العقل في متاهات عواطف طائشة ضررها اكبر من نفعها ولو لم يأتي من الضرر سوى إضاعة الوقت في التفكير والنبض المتأرجح مابين الحب واللا حب وكل يدعي أنه ممسك بشعرة معاوية شد وجذب قرب وبعد خلاف وصلح وهكذا تسير بهما الأيام ضياع يتلوه ضياع.
و هناك علاقة لا فكاك منها ( النشبة ) هؤلاء اشخاص يستميتون للإمساك بتلابيب معرفتك بالقوة تبعد عنهم خشية ألسنتهم وتهورهم وشطحاتهم ويظهرون لك حتى في منامك كوابيس واحلام مزعجة، لايهمهم ان ترفض وجودهم ( على استحياء ) في حياتك الاهم ان يكونون معك في كل تفاصيلك بالقوة شئت أم ابيت يتجاهلون شعورك بالحرج من تصرفاتهم وينظرون إليك ببلاهة وكأن الأمر لا يعنيهم وهنا ليس لك من الأمر شيئا إلا ان تكون وقحا فتصرفهم بالقوة وبلا حياء او أدب او ان تسأل الله مزيدا من الصبر والحلم وتتحاشى وجودهم في الاجتماعات المهمة لك .
انواع العلاقات كثيرة ويتبقى عليك كيفية ادارة اي نوع منها وذلك بإتقان رسم المسافات بينك وبين الآخرين فلا قرب حد وضوح نقاط الضعف ولا بعد حد نسيان نقاط القوة ، واجعل من نفسك خصما لنفسك فلا تتألم لرحيل احدهم تسبب في أذية لقلبك ولا تكابر في الاعتراف بالخطأ لتحتفظ بالانقياء حولك . ان تصنع نهاية جميلة لعلاقة ما اسعد لقلبك من ان تدمي قلب احدهم في علاقة فاشلة ترفض حقيقة انك سبب ولو غير مباشر في هذا الفشل.