الشغاف هو الغشاء المبطن لتجويف القلب، وأقوى درجات الحب هو ما لامس هذا الشغاف {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا} بمعنى وصل الحب إلى غلاف القلب لشدته وقوته..
جميعنا نُحب ولا أقصد هنا حب الشخص للشخص كأن يحب الوالدين أبنائهما، أو أن تتعلق الفتاة بأمها، والأم بولدها، فهذا شعور فطري وطبيعي لا حيلة للإنسان فيه وقد جُبل عليه الخلق، ولكني سأتحدث عن شغف من نوع آخر بدأنا نفتقده ونتخلى عنه شئنا أم أبينا..
فحين تتهرب من الاجتماعات العائلية المكتنزة بالمبالغات والتكلف في كل شي تفقد شغفك!
وحين لم تعُد تستهويك النزهات الخلوية لما تراه من إجرام في حق البيئة والطبيعة واستهتار بأبسط مقومات النزهة( النظافة ) تفقد شغفك!
أما حين تضج التطبيقات في جهازك بالغث والهزيل من الرسائل والمقاطع وكنت تعدها متنفس لك للتعبير عن الآراء والأفكار والنصح والتثقيف هنا تفقد شغف التفاعل الإيجابي
وحين تلتزم الصمت أمام مشهد لا إنساني ليس ضعفا ولا جبنا، ولكن احتراما لذاتك من هجمة مرتدة من متهور لا ذوق عنده ولا أخلاق تفقد شغفك بالنصح والتناصح..
وتفقد شغفك في العمل حين تنهار قواك، وتنهك روحك وجسدك، بسبب الضغوطات وتقاطع المصالح ووجود مدراء سيئون وزملاء فتنة..
تفقد شغفك بالعطاء والإيثار حين تعطي وتعطي وتعطي بلا حدود ولا توقف، ثم يأتيك من يأخذ منك فقط! ويبخل أن يعطيك، ويشعرك أن العطاء والبذل واجب عليك لا إحسانا منك!
تُمسك بالكتاب لتقرأ وتتزود وتستنير، ثم تمسك بقلمك لتكتب بدماء قلبك، وتستميت لأن تطرح بُنيّات أفكارك للمتلقي فلا تجد إلا العزوف التام عن القراءة! هنا تفقد شغفك بالكتابة وقد تفقد شغفك بالقراءة أيضا !
تقضي أجمل سنوات عمرك في الدراسة، وطموحك يعانق الغيم علوًّا وارتفاعا، تحلم بالاستقرار الوظيفي، تسهر وتَتعب وتُتعب من حولك، وتتخرج وتظن أن الأفراح والليالي الملاح ستمتد بك! وفي الأخير تنظم إلى أساطيل العاطلين! وتُضيف رقما في تعداد نسب البطالة، هنا تفقد شغفك بالهمة والعزم..
الشغف يا سادة يا كرام شعور يرتقي بصاحبه، فلا يجب أن يموت..
الشغف نبتة خضراء نضرة، تسقى بماء الرعاية، وشدة البأس، لتبدو شجرة عملاقة تتفيأ ظلالها وتستلذ بثمارها..
الشغف فطرة تولد معك، وتكبر معك، وقد تموت بدونك! إن رعيتها استقامت لك وحلّقت بك، وإن تجاهلتها تضاءلت وذبلت وذابت في معترك الحياة، دعونا نمارس طقوسنا الفطرية من حب وشغف لكل شي بلا تشويه ولا نكد وبلا تدخل..
دعونا نعلن عن شغفنا بكلّ قيمنا، وهواياتنا، وحتى أمزجتنا لتكون الحياة أجمل والأيام أسعد .
كتبه: جواهر محمد الخثلان

فقدان الشغف


وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://alraynews.net/articles/6594129.htm