في الماضي كان وضع المرأة بشكل عام يرثى له في المجتمع البدوي وحتى في المجتمعات الحضرية مع فوارق بسيطة، إلا أن أهل القرى والمجتمعات الحضرية بشكل عام أكثر لطفاً مع النساء.
في بعض المجتمعات كان البعض لا يأكل مع زوجته في صحن واحد، بل كان أحدهم مسافراً وعندما وقف لتناول الطعام أكل كل منهما لوحده وجعلوا السيارة بينهما، وأحدهم يحلف بالله بأنه لم يرى وجه زوجته مع أنها أنجبت له سبعة أولاد وثلاث بنات، وحتى عهد قريب كان البعض يقول "أكرمكم الله" إذا لفظ اسم المرأة.
أمور لم يقرها الشرع الحنيف، بل إن الدين يحث على خلاف ماورد سابقاً ويعطي المرأة وضعها المستحق. إلا أن المجتمعات القبلية عندما يأتي الأمر إلى العادات والسلوم والأحكام العرفية والمرأة، نراهم يسوقون الحجج تلو الأخرى، غير مبالين بشرع أو نظام أو حتى منطق انساني.
في مجال السلوم والعادات القبلية ابقوا على ما يريدون، وتشبثوا بشرائع الضرب والدماء والثأر وتناسوا الكثير من السلوم الحميدة.
أما الجنس اللطيف فتغيرت أحوالهن شيئاً فشيئاً، وأصبح وضع المرأة مختلف جذرياً، فبعد أن كان الجد لا يأكل من طعام النفساء مثلاً احتراماً للعرف، أصبح الحفيد يناولها الطعام بيده، بل ويتقاسمان اللقمة، وهو أمر لو ارتكب في الماضي لأصبح هذا المخلوق من عداد "الرخوم"، بل أصبحت حالياً موضة عند بعض الشباب بأن يدخل مع زوجته في غرفة الولادة، ويمسك بيدها ويواسيها وقد يذرف الدموع رحمة بها، بعد أن كان يقال لها قديماً إذا شعرت بالطلق أن تذهب إلى مراح الغنم أو غرفة البهائم حتى لا تتسخ غرف المعيشة.
كانت المرأة سابقاً تحمل طفلها المولود في "الميزب" معلقاً على كتفها، والآخر تحمله على جنبها، والثالث متمسكاً بثوبها، ثم رأينا "أبو شنب" يتجول الأسواق حاملاً طفله وممسكاً بالآخر ويمشي بكل شموخ خلف "الهانم".
كل شيء تغير، فبالأمس رأينا كيف اقتحمت النساء أحد معاقل الرجال الحصرية في مزاين الإبل، وأصبحن في الصف الأول ووضعن رجل على رجل، بينما أصحاب الشوارب والبشوت يصفقون في الصف الخلفي.
من حق المرأة أن يساعدها الرجل في حمل الطفل وفي أمور عديدة، وهنا ليس اعتراضاً على هذه التصرفات ولكنه وصف لواقعٍ كان وأصبح في خبر كان.
وضع المرأة تغير تماماً شئنا أم أبينا، بل لم يعد لأحد منا خيار في ذلك، وقد كنا نقول لم تعط المرأة حقها الشرعي، وأصبحنا الآن نقول: عسى ولعل أن تلتزم بالضوابط الشرعية.
نعود بعد هذه المقدمة الطويلة في حقوق المرأة إلى السلوم والأحكام العرفية، ونتساءل تساؤلات غير بريئة في ظل هذه القفزات النسائية المتتالية عن مصيرهن مع من لايزالون يتمسكون ببعض الشرائع القبلية.
هل يحق للمرأة أن تجور الرجل؟
وكم ستكون مدة جيرة المرأة؟
هل يحق للمرأة أن تكون قبيلاً "كفيلاً"؟
أصبحت المرأة الآن تقود السيارة، والصناديق القبلية ملزمة بمعاملتهن معاملة الرجال، فهل ستعامل المرأة مثل الرجل في الأمور القبلية الأخرى؟
هل ستكون المرأة عضواً في صندوق القبيلة؟ الم تعد الآن تسوق وتعمل وتضرب وتصول وتجول؟
قد تبدو بعض التساؤلات غير منطقية في نظر البعض، ولكن انظروا لحالهن قبل ثلاثين عاماً وحالهن الآن، فلا تستغربوا ما قد يحدث مستقبلاً.
ومع كثرة نزول النساء للشوارع وممارستهن للكثير من المهن، فكيف سيكون الوضع لو ضربت إحداهن رجلاً من نفس قبيلتها؟
فهل ستتجور المرأة أم يتجور وليها مع أنها ولية أمرها الآن؟
وإذا تجورت فهل ستتجور برجل أم بامرأة؟ أم سيمسح دمه ويخر في أرض الله؟
هل سنرى أحدهم يرد الشأن قائلاً: "داخلين في وجيهم من آل فلان، الآنسة فلانه ضربت الشيخ فلان؟
وإذا حصل خلاف ذلك، وقام الرجل بضرب امرأة من نفس القبيلة؟
فماذا سيعمل؟
هل يتجور بقبيلة؟ قد يكون الرد نعم يتجور لأنه مد يده، ولكن العرف قديماً يقول: إن ضرب المرأة سواد وجه لا يجوَّر صاحبه ولا يعان؟ فما هو الحل؟
وأنا هنا أقول من نفس القبيلة، لأنه لو كان الضارب من خارج القبيلة لما عُمل بالسلوم والجيرة والثأر، وكأن هذه الأعراف مسلطة على رقبة الرفيق والقريب وابن العم فقط، فتباً لعرف أو سلم يهين ويدين القريب، ويجمل ويعفي البعيد.
أخبرونا يا أهل الأعراف القبلية التي عفى عليها الزمن ولاح، وتركتها قبائل الدنيا إلا قبائل تعد على الأصابع، وانبرى للدفاع عنها رجال خيِّل لهم بأنها أمور مقدسة، وقد سميت أعراف قبلية ولم تسمى سنن شرعية، أخبرونا عن وضع النساء مع أعرافكم وسلومكم، فالنساء قادمات بقوة، وقد نرى إحداهن تتقدم الصوف وتمسك بمكبر الصوت قائلة: صلوا على النبي يا قبائل، فهل ستصلون عليه؟
بقلم: حسين علي الفهري
باحث ومؤلف مهتم بالموروث الشعبي
التعليقات 1
1 pings
ابو سعيد
12/06/2022 في 9:34 م[3] رابط التعليق
في الزمن كان الرجال لهم هيبة قد تكون في الخطأ أحيانا ولكن ذلك الجيل خرجوا أجيال لهم صولات وجولات ، فكان نجاحها بفضل الله ثم بفضلهم ولما استلمنا نحن زمام الأمر كان الحال الان سواء كان هذا الحال للأحسن او الأسوء. فالخط أ فيهم ام فينا !!!!