يرخي الليل سدوله، ويهدأ الكون، ويعمّ السكون، ويتهيأ الناس إلى استقبال سويعات الراحة والدّعة.. الكل ينظر إلى فراشه، ويأمل في أحلام وردية وسعيدة، وما أن يضع أحدنا رأسه على وسادته إلا وتهرول إلى عقله كلّ ذكرياته، ويمرّ شريط حياته أمام عينيه، قليل منا ينام وهو تحت تأثير ذكرى سعيدة فيبتسم، والكثير منا يستجلب الحزن لنفسه فلا يتذكر إلا المؤلم والمزعج! فيقضي ليله متقلبا متململا يشهق تنهيدة تلو الأخرى! إذ يُخضع نفسه لعقله الباطن يفتش فيه عن الذكرى التي تسرق النوم من عينه، و الهدوء من نفسه، و الصحة من جسده..!
هؤلاء يفشلون قسرا في التكيّف مع احتياجات أنفسهم إلى السلام والطمأنينة حين يستسلمون إلى ما تفرضه عليهم مشاعرهم!
كيف لمن ينشد الراحة بعد التعب أن ينام وقد
تلاحقت صور تعبيرية عما يزعجه أمام عينيه؟!
بل كيف يهنأ بالنوم من سمح لوحوش وكوابيس الذكريات أن تنهش في راحته قبل أن يخلد للنوم أو حتى سويعات يومه؟!
ألا يعلم أن الحزن يفتت الكبد، و يقضّ المضاجع، تذبل به القسمات، وتختفي معه الضحكات، وتتساقط منه الدموع، فلا طعم للحياة معه..
قِلة من الناس الذين سيلتفتون إلى حزنك، وذبولك وفقدان نضارة قسماتك، فلكلّ ما يشغله عنك وإن جاملك مرة واثنتين وثلاث..
لتحيا سعيدا وتنام قرير العين امنع الذكريات المؤلمة أن تدقّ أسفينها بين جمال أيامك وراحتك، لا تستجلب الحزن إلى نفسك، دعْ مرارة الخذلان والآلام والصدمات ترحل عن محيط قلبك وإحساسك، اترك شعورك السلبي، خارج إطار وسادة النوم، تجاهل كلّ منغصات اليوم وما قبله، نومك المريح حقّ خاص لجسدك فلا تفقده باستجلاب الحزن..
إن شعرت لحظة أن الحزن يزحف إليك هوّن على قلبك وواسه، أن كلّ مُر سيمر، لا سيّما وأنت تتأهب للنوم إذ أن سلطان المشاعر أحيانا أقوى وأمضى من سيوف العقل، فلا تدعها تغلبك فتفسد نومك وتسرق راحتك وسعادتك.
كتبته: أ. جواهر محمد الخثلان
@Smojmk