دائما ما نسمع الكثير يتحدث عن أهمية ضبط النظام واحترامه، ونلاحظ التقدير الذي يحظى به الشخص الذي يعي أهميته، ويحترم قوانينه ومتطلباته، حتى وإن صعبت أو كانت في أضيق الأوقات..
أما أثناء الاختبار الحقيقي، وأثناء الممارسة فحدث ولا حرج! الأغلب يريد أن يسبق الكل ويتخطى الصفوف ضاربا بالنظام والتنظير عرض الحائط..
كنت أقف في أحد الصفوف في انتظار دوري أمام نافذة صيدلية في مستشفى، ومن أمامي وخلفي مجموعة من الناس فيهم المريضة والمسنة والعاملة ، وفجأة تتقدم إحدى السيدات بكل صفاقة ودون أي اعتبار أمام النافذة تصرف وصفتها وتعود من حيث أتت وكأنها لا ترى أحدا !!! الكل امتعض من تصرفها ولكن دون تعليق أو ردة فعل على الأقل تشعرها بوقاحتها او تردعها !
وكثيرا من المشاهد المزعجة نلحظها في بعض المرافق التي يلزمنا الوقوف في طوابير الانتظار.. لو قُدّر لك أن تقف في طابور ما ستلحظ العجب العجاب من الناس أحدهم بكل برود يتخطى الصفوف، ويتجاهل نظرات الاستهجان، ولا يعنيه أن هناك من انتظر اكثر من ساعة احتراما لمن قبله، وهناك من يزعج الآخرين برفع صوته وزمجرته وكأنه الوحيد الذي لا يمتلك الوقت للوقوف ! فيصب جام غضبه على الموظف في بطئه وهو الذي جاء متأخرا ولا يريد الانتظار..
وهناك أشخاص أنانيون لا يرون إلا أنفسهم ولا يعنيهم معاناة غيرهم ،ومن بيننا من يستخدم نفوذه للتجاوز فلا يُعير النظام أي تقدير، ويتقدم بلا احترام ليأخذ مكان غيره! خاصة حينما يكون من أمامه امرأة، أو طفل، أو عامل مسكين، في أحقر مستويات الهمجية وهو يعي جيدا أن تصرفه فيه امتهان كبير لحقوق الآخرين..
وتأتي الغصة أشد إيلاما حين يتعالى أحدهم على الناصحين له باحترام النظام والاصطفاف! فتجد هذا المستهتر إما لا مبال بانزعاج بمن حوله، و يرفع صوته ويتحدى الجميع، و قد يدخل في مشادّة كلامية قد تتطور إلى اشتباك بالأيدي لو منع بالقوة من التجاوز!
عدم الرغبة في الرضوخ للنظام في أي جهة أو مكان تصرف غير حضاري، وسلوك همجي، فاحترام النظام وتقدير الوقوف في الطابور، ثقافة مجتمعية يجب أن تسود، فلا أحد فوق النظام..
ثم يجب أن يعلم هؤلاء المتجاوزون أن الوقوف في الطابور لا يقلل من شأنهم، ولا يعيبهم، بل يدل على وعي وإدراك لأهمية النظام، كما أنه ليس مكانا للتجاوز اللفظي حينما يرفض أحدهم التنازل عن دوره للشخص المتجاوز، فهذا من أبسط حقوقه..
إياك ثم إياك أن تكون همجيا لا تحترم النظام الذي يعلو فوق الجميع ، كن عنوانا للتحضر والذوق الرفيع في تقدير حقوق الآخرين .
بقلم: جواهر الخثلان