أطلق بروفيسور الطب النفسي Aaron Beck، مصطلح التشوهات المعرفية (Cognitive distortions) على استخدام الأساليب الخاطئة في تفسير الأحداث المحيطة بالأفراد، أو تفسير الأمور بطريقة خاطئة أو متشائمة، حيث رأى ذلك بشكل متكرر مع مرضاه المصابين بالاكتئاب، وكيف أنهم يشوهون تفسير الواقع من خلال عدة ممارسات(كالنظرة السوداوية للحياة، جلد ولوم الذات، الإحباط، التشاؤم، التعميم السلبي، تفسير الظروف من منظور سلبي(استبعاد الإيجابيات من حياته، دعم المشاعر غير السارة)، الوهم المعرفي (كأن يعتقد أن الآخرين يفكرون بأفكار سلبية أو غير واقعية عنه) ....
تُعد التشوهات المعرفية من اضطرابات الصحة النفسية، وهو نمط فكري مبالغ فيه لا يعتمد على الحقائق يقود بالشخص للتفكير السالب للمواقف بشكل أكبر بكثير مما هو بالفعل.
إن التشوهات المعرفية حالة ينبغي التصدي لها وبالأخص في مجال التربية الخاصة؛ لأنه يعوق التقدم الفاعل للأسرة أو للأبناء أو لمن لديه حالة من ذوي الإعاقة، وتؤثر بشكل كبير على جودة حياتهم.
تتعرض أسر الأشخاص ذوي الإعاقة إلى العديد من الصدمات النفسية بمجرد ولادة طفل من ذوي الإعاقة ، وبالتالي من الطبيعي أن تتأثر الحالة النفسية ببداية الأمر، وقد تستمر لفترات طويلة لمن لا يستطيع تجاوزها. وتعترض هذه الأسر الكثير من التشوهات المعرفية (الأفكار أو الأخطاء في معالجة المعلومات) التي تظهر بشكل تلقائي مع ظهور الحالة أو الصدمة بولادة هذا الطفل مما يولد الضغط النفسي الكبير للأسرة.
ومن التشوهات المعرفية التي تتكرر في مجال التربية الخاصة تعميم الحالات والأنماط السالبة تجاه كل الأطفال من ذوي الإعاقة في المواقف الحياتية المختلفة، جلد ولوم الذات من قبل الوالدين عند ولادة طفل من ذوي الإعاقة ، التفكير السلبي حيال انجاب طفل ثاني بعد ولادة طفل من ذوي الإعاقة، التشاؤم المسبق حيال تحسن حالة الطفل من ذوي الإعاقة، خجل الأسرة من ابنها أو طفلها من ذوي الإعاقة من نظرة المجتمع (الوهم المعرفي) اعتقاداً منها بالتفكير السالب تجاه هذه الأسرة ، الإحباط المستمر تجاه أي رد فعل غير جيد مما يؤثر على مسار الصحة النفسية للأسرة والشعور بالاحتراق النفسي الدائم.
وللتصدي لمثل هذه التشوهات في التربية الخاصة نحن بحاجة إلى تدريب مكثف لمعالجتها من خلال تغذية العقل بالعادات العقلية الجيدة والنظرة الإيجابية والأمل والتفاؤل وتصفية الذهن الداخلي بإزالة التفكير السلبي أو التفكير الضار الذي يصيب أسر ذوي الاعاقة بالقلق المستمر ،كما ويمكن العمل على رفع الوعي بالاعاقة وزيادة مستوى الثقة بالنفس والذات ، وتقبل الإعاقة ، والعمل على دعم الأسر من خلال التعامل السليم مع أبنائها، وتحسين الصورة الذهنية وإزالة القناعات أو الشوائب السلبية الناتجة عن الإعاقة لمواجهة المجتمع.
إنه من المهم جداً إدارة هذه التشوهات المعرفية التي تصيب الأسرة وتغيير طريقة ونمط تفكيرهم من خلال بعض ممارسات العلاج النفسي مثل العلاج المعرفي السلوكي (CBT) للتغلب على ردود الأفعال الفردية السالبة للمواقف الحياتية والتي تؤثر على نفسيات هذه الأسر وتفسيراتهم للواقع الذي يعيشونه ، وتأطير هذا التفكير المزعج وإضعافه، من خلال محاولة إعادة صياغة المواقف اليومية التي يتعرضون لها بالبحث عن تفسيرات بديلة وإيجابية ما أمكن، والعمل على الموازنة بين إيجابيات وسلبيات أنماط التفكير لديهم.