ألهدف أو الغرض من إيجاد المحافظات وأقسامها هو البناء والتطوير "التنمية" وحفظ الناس وفرض النظام والقانون، فإذا كان المواطن يراها بهذا المنظور فأنت تتحدث عن مجتمع إنساني واعي وقادر على العطاء والمشاركة في تحقيق هذه التنمية التي تنهض بالمكان والإنسان، أما إذا كان المواطن في غالبه يرى أن المحافظة وبقية المؤسسات والمراكز التابعة جيء بها لغرض استقبال الشكاوي وفض النزاعات والخلافات واستقبال الدعاوى الكيدية والصحيحة، إذا اعتقد هذا الساكن أن المحافظة أو المركز مهمتها الأساسية هي فتح المكاتب لاستقباله وصب القهوة له وللشيخ فلان والنائب علان ورجل الأعمال زيد ورنا بنت عبيد فأنت هنا بوسط سكاني متخلف معرفياً وخامل عملياً ولا يمكنه حتى التفكير في مستقبل أطفاله وكيف يتعلمون ناهيك عن رعاية صحة أسنانهم، أنت الحكم كمواطن مستقر بمحافظتك أو الشارد منها، كلاكما أدرى بالبير وغطاها.
من زاوية أخرى تخيل أنه تم تعيينك مسؤولاً بالمحافظة الفلانية وأفهموك بأن مستوى الوعي والتعليم والثقافة بها ليست بتلك الجودة، وانتبه ترى الشخصيات الفلانية بيترززون عندك بكل مناسبة وبدونها وترى هدفهم مصالحهم الشخصية ولن يساعدك أحد منهم على نجاح مهمتك الإدارية بالمفهوم الإستراتيجي للتنمية الوطنية بشكل عام، ماهو انطباعك قبل أن تباشر مهمتك؟!. ثم تخيل بعد مجيئك تجد أمامك متعلم همّه نفسه وليس محافظته ، وشيخ متشبع بالعنصرية وحنا وحنا وحنا، وموظف آخر ساكت مبتسم في العلن لكنه نمّام وبالمفهوم الشعبي "يلسلس" ٢٤ ساعة ويجد من يصغي له!. المسؤول الكفؤ "الكفو" هو الذي بحكمة وذكاء يقود الرجال بقوة النظام، ويغير السلبيات ويخلق الإيجابيات في المجتمع ويبني المكان بجهد المؤسسات وجهد الدولة دون أن يستأذن أحد أو يراعي خواطر الجهلة أو المنتفعين أو الطفيليين أو المتعودين على العبث بالمحافظة.. وباختصار الموظف الذي يتبع جهلة الناس هو في الواقع مضروب واختياره كان خطأ، لا أقصد أحد أو مكان بعينه، وبالمناسبة وهذا رأيي الخاص الذي لا يعتد به، أهل طريب من ضمن أكثر من يحش في موظفي محافظتهم ويصنفونهم بحسب مصالحهم أو ميولهم وغالباً ينالون من الصارم الذي يسعى لمنع الأخطاء ويطبق الأنظمة. الدولة تريد المسؤول يبني على هدي الدولة وليس على رغبة زعيم القرية.
الكلام الجد أعلاه أنتهى، أما الساخر الآخر، ودي أعلم أنه في بعض مناسبات الهياط التي أتشرف مرغماً بحضور قليل منها رأيت شيء ملفت وهو أنك تتعرف على بعض رؤساء لمراكز نائية حتى من خارج المنطقة الوسطى، يبادر أغلبهم بالسلام والكلام والتعريف على كل من هب ودب .. ماشاء الله عليهم ما يفوتهم شيء وشكل العمل بمراكزهم خفيف أو السكان مسافرين ولا يوجد مشاكل.
غداً يوم آخر.