السحر وحديثه العشوائي هو عنوان ومحتوى بصحيفة الرأي منذ عدة سنوات وارتبط بشهر رمضان المبارك، الصحيفة رحبت بالفكرة، أحياناً نختلف ويكون ذلك فرصة للطرفين -فكة - والإنشغال بما هو أهم، لكن في اليوم التالي يرسل أحدنا رسالة مجاملة ظاهرها الإعتذار وباطنها أقل من النفاق فنتفق على الإستمرار، مع أن رئيس التحرير أصبح قليل التسامح منذ نال بجدارة درجة الدكتوراه.
أما الهدف الأخير لزاوية "حديث السحر" المنفرجة فهو ربط ناس الأمس بطريب باليوم من خلال إلقاء حُزم ضوئية متحركة على مواقف بعينها لتضع القارىء أحياناً في حيرة أمام نفسه ومسالكه التي قد يراها متناقضة بين ماضيها القريب وحاضرها العجيب، وله المقارنة والإستنتاج. أما الجديد هذا العام فهو الإسقاط شبه المؤدب بعكس طريقة مجالسنا التي لا تترك شيء إلاّ عزقته وجرفته وشرشحته من جناب المحافظ مثلاً إلى سابع موظف بالبلدية أو الزراعة لكن وبمجرد مقابلتهم تتحول الشرشحة إلى إشادة ونفاق محترم. هذا عن حديث السّحر الذي أشاد به أستاذنا ولد طريب محمد علي، الذي ليس لإسمه علاقة بـ محمد علي باشا الله لا يعيده ولا يوفق من جاء به. ولمن يقرأ من الشباب دون العشرين، فإن أستاذنا أبو ياسر هو أخو الصحافة السعودية، الكادح طويلاً في مؤسسات الجزيرة والرياض، والمدينة ربما، وهو الكاتب المبدع والصُحفي الصبور، واللاذع الخطير. ومن المفارقات أن تلك المؤسسات الإعلامية كثيراً ما عاقبت سابقاً قلم إبنها السعودي "محمد علي" بينما بعض أقلامها المتسللة حينذاك كَرّمت الباشا وإبنه المعتدي بشكل ما. وشخصياً أرى أن ولدنا السعودي "محمد علي" يستاهل العقاب، فهو كان يعتمر الغترة البيضاء وجاكيت فستقي وآخر أسود ويضع فوق رأسه العقال حتى وهو يكتب تقريره الصحفي بينما مؤيدي الباشا طرابيشهم في بيوتهم حمراء فاقع لونها تسر إخوان الشياطين، صاحبنا لباسه أبيض وقلمه حبر سائل بلون واحد يصعب تحريفه وفوق هذا كان إسمه متصحر وطويل "محمد القحطاني".
أبو ياسر كتب هنا قبل أيام مقالاً أشاد فيه بحديث السَّحر ووصفه بالسِّحر وهذا كرم منه، والحقيقة أن مستوى ما يكتبه قليل من يجيده ويصيغه سريعاً بهذه القوة البلاغية والأدبية، والتورية أحياناً وإرباك المتلقي الذي قد يهبده متى ما شاء. صاحب السَّحر ليس بكاتب ويعترف بذلك، الكاتب صفة ودرجة متقدمة ومرموقة ينالها بعض كبار المثقفين مثل الطريبي محمد بن علي آل كدم. أخي أبا ياسر كلنا معتزلين ومتجاهلين ولك حرية تشكيل الحروف وأنت الخبير. لم يعد هناك مانخشى ضياعه أو فقدانه وليس لنا مطامح نتخفى خلف ظلالها كما يفعل البعض حتى من المتقاعدين المهابيل الذين لم يقدموا الشيء الجميل طوال خدمتهم فما بالك وقد انتهت صلاحيتهم. وبصدق أرى العزلة واجبة بحق النفس والعقل والفكر لمنع تلوثها ولأجل حفظها من السفه والتحول نحو النفاق والفساد والكذب عيني عينك. خلك بنجران أبا ياسر وعرّج علينا في مرابع ليلى بالرياض وأستمتع بقليل من أوقاتك بطريب رغم محبتك له لكن تراه لا يُعجب بالمغتربين عنه في شبابهم، حيث يراهم البعض عالة على كباره وفقراءه، هذا البعض يراهم لم ينشئوا بالوادي مدرسة لتعليم الثأر والإنتقام ومخالفة المنطق وحكم القاضي، وبرأيهم أن المهاجر المبتعد المسالم لم يساهم في حماية الوادي من موجات الجراد والغبار ورياح الشرق الجافة.
بأمانةّ لقد قدمت أخي محمد الكثير لبلادك بفكرك وقلمك لكنك سامحك الله تفرغت للعمل وسهرت لأجله جلّ حياتك وجالست الأدباء والمفكرين والمسؤولين وقادة الصحف وضيوفها وتغيبت متعمداً عن الجموع والصفوف في الشعاب وتحت الجسور ولم تحمل يوماً رشاش ولا حتى حشفاء وحين تُهاجم بكلمة واحدة تغلق عليك باب دارك وتشكو لمولاك ولا ترد ولو بكلمة على قريب أزعجك تصرفه أو صديق أخل بمبادىء صداقه العمر. أخيراً عتبي على قريتك طريب التي لم تكرمك وأنت كاتبها وصحفيّها الأول بلا منازع. يا أخي أرهم بعض الصور القديمة وقد يقتنعون بأن ما قدمته بفكرك وقلمك يفوق ما اضاعوه عشرات السنين بلا معنى ولا نتيجة بل في مكايدات ومخابطات ونسج بطولات هلامية يفاخرون بها. (قلت البعض). من يدري قد نقدر جهدك ونهديك جبل أم القصص بحزامها الأبيض الجميل، فإن فعلنا فارفض لأنه لو كان لنا وفيه فائدة لما قدمناه لك. الطيبين راحوا أبا ياسر منذ سُكناك بالسليمانية بالرياض وليس سليمانية العراق.
حلقة اليوم خلاصتها الإشارة فقط إلى الصحفي والكاتب الطريبي السعودي "محمد علي" وما قدمه وما ناله من تعب وتجاهل، مقارنة بـ محمد علي باشا الذي قصفنا ودمرنا وكان إلى وقت قريب يُسوَّد إسمه ورسمه كتبنا وصحفنا وربما شوارعنا.
تقبل الله منكم ومبارك عليكم الأمطار يا أهل الوادي طريب.
غداً أجمل بعون الله.
عبدالله غانم القحطاني

«حديث السَّحَر» أ.محمد علي” والباشا


وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://alraynews.net/articles/6625262.htm