اعتياد اللصوص على السرقة لا مبرر له على الاطلاق فالسرقة محرمة شرعا وقانونا وفي حال ضبط اللص متلبس فانه يجب أن يقام عليه الحد بلا رأفة ولا رحمة.
ولكن هناك لصوص آخرين لا تمتد أيديهم إلى ممتلكاتنا ولا يكسرون نوافذنا أو يتسللون خفية إلى منازلنا ولكنهم يعيشون بيننا يضحكون لنا يبادلوننا التحايا ويشاركوننا حتى احلامنا، ولكنهم يسرقون منا الفرح يسرقون منا الابتسامة يسرقون منا أماننا النفسي وراحتنا هؤلاء نحن من منحهم الفرصة بمنحهم الثقة المطلقة على أسرارنا وخبايانا وتسليمهم القلوب بما فيها من أمن وأمان.
هؤلاء المتلبسين بثياب الأخوة والصداقة وهم أبعد ما يكون عن الاخاء والصدق والنقاء يأتونك بوجه بريء ويمهدون لك الطريق بالورود ومعسول الكلام ليصلون إلى أبعد نقطة لديك من الثقة والأمان ويغادرونك بوجه آخر لا تعرفه، حديثك الذي أسررت به لهم ينشر على الملأ ويدثرونه بعبارة ( ما قلته إلا لك ) وأخرى ( بقول لك بس لا تقول لأحد )!!!
هؤلاء عضو فاسد في أي مجتمع بل هم مرض يجب استئصاله واجتثاث جذوره حين لا يمكننا تغييرهم إما بعلاقة القربى او الصداقة فالصمت عن دناءتهم تشجيع لهم للاستمرار في لصوصيتهم وسرقتهم لخصوصيتك وثقتك بهم .
الثقة ليس جلبابا نستطيع تغييره متى ما رغبنا لاسيما حين تكون آمنا مطمئنا للآخر بل هي اعظم من ذلك ويجب أن لا تمنح إلا لمستحقيها فليس من السهل ان تتعايش مع غدر من وثقت به وقد لا تستطيع أن تتخطى صدمتك فيه وان تجتاز مرحلة اهتزاز الثقة وتخطو نحو نسيانه او الابتعاد عنه وحتى عن ذكرياته الجميلة .
لست ملزما أبدا ان تبذل دماء قلبك حسرة على اكتشافه فالضربات القوية قد تزيدك صلابة وقوة في انتقاء الاجمل حين فشلت في اختيارك له في المرة الأولى فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين
الثقة ليست ترمومتر لمزاجيتهم وقناعاتهم المهترئة عندما يختارون ما يناسبهم من تسريب بعض اخبارك او العزوف عن بعضها حين لا تتناسب ومصالحهم .
انت من يقرر كيف تكون حياتك معهم او بدونهم حتى وإن ضرب ألم خداعهم لك اعماق قلبك فاللصوص لا يهتمون لأشلاء ضحاياهم
اللص قد يسرقك مرة في غفلة منك ولكن لا تدعه يسرقك مرتين حينها تكون انت المهمل ، رمم ما تبقى من زوايا قلبك المثخن بالجراح واصعد بروحك نحو أفق لايستطيعه الا الأوفياء وحلق معهم فالحياة تستحق ان تحياها دون خوف أو وجل من غدر لص اخفى غدره بمسمى صديق
الناس كالمعادن وانت تستطيع ان تعرف معدن احدهم من خلال مواقفه وصدقه ونقائه وطريقة تعامله مع غيرك وحديثه عنهم يجعلك تستشف منه كيف يفكر وإلى أين سينتهي به الامر لو كنت انت مكان الغير .
لصوص الثقة أخطر عليك من لصوص الممتلكات.
كتبه/ أ. جواهر محمد الخثلان