جيل الآباء وجيل الأبناء، الآباء يرون أنهم الخبرة والعمق والأصالة، والأبناء يرون أنهم الحضارة والتطور والسرعة..
كل جيل له مبرراته فمن يمكنه التنازل للآخر عن رغباته؟ على سبيل المثال أحيانا تطلب من أبنائك مرافقتك في رحلة خلوية بالسيارة للتأمل والاستماع وتُجابه بالرفض بعدة مبررات كأن يقول أحدهم ماهو جونا! وقد يكون الاختلاف على وجبة عشاء! الأباء يرغبون في طبق شعبي تقليدي، والأبناء يميلون للبرغر، فتجد كل فئة تأكل وحدها، وهذا الاختلاف والخلاف يحدث أيضا بين الأمهات والبنات..
في الحقيقة الخلاف كبير بين الأجيال كل فريق يرى أنه المُحق، والذي يجب أن يُدير المشهد في كل الأمور،
الاختلاف بين جيلين يُعد ظاهرة طبيعية، تحدث كثيرا وتعد مقبولة إلى حد ما بحيث إذا لم تكن بؤرة لخلافات أسرية أو مجتمعية..
أما أسوأ ماقد ينتج عن هذا الصراع هو الاختلاف في القيم، إذ قد يكون لها أثرها السلبي على الفرد لاسيما حين لا تتوائم أفكاره وما تشربه من مجتمعه سواء المتحضر أو البسيط مع القيم التي يتمسك بها الطرف الآخر! وهنا يكون النزاع على أشده وتتداخل عوامل كثيرة في ارتفاع وتيرة الصراع مثل وسائل التواصل والنقلة الحضارية، مما يبعد جيل الآباء مسافات شاسعة عن محيط الأبناء، وهنا تكون المسؤولية مضاعفة على الطرفين لتقريب وجهات النظر وتقبل الاختلاف والتماشي معه بما يحفظ لكل جيل هويته..
فلكل جيل خياراته، وطريقة تعاطيه مع المواقف، وعوامله التي يبني عليها أفكاره ورؤاه والحالة السائدة في مجتمعه، ليس المطلوب من أيٍّ منهم التنازل للآخر تحت أي مبرر ولكن لابد من التعايش السلمي الذي يضمن لكل فئة حقوقها في العيش الكريم، ودون المساس بأبسط حقوقه، فالأباء لهم حق البرّ والتقدير والخضوع بالقول، وللأبناء حق الرعاية وتحمل الفوارق الثقافية، والصبر والأناة مع الحرص على التوجيه دون سلخ القدرات الفردية للجيل الحديث، صراع الأجيال مستمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولن تتوقف هذه الفوارق على الإطلاق فلكلّ عصر جيله، ولكل جيل عصره…
بقلم: أ. جواهر محمد الخثلان