[B][FONT=Arial][SIZE=4]
مما لا شك فيه أن حياتنا العامة والخاصة قد تداخلت بها الماديات والشكليات والبدع بدرجة جعلتها تطغى على صدق وأصالة العواطف الصادقة النبيلة. وولدت فيما حولنا كما هائلا من التصرفات المريبة المستنكرة، التي لم نعد نعرف من كثرة زيفها أيها الصادق، وأيها الكاذب، وأيها يقصد به الرياء والبروز والصعود على أكتافنا.
وحتى الطفل الصغير صار يعي ما معنى المادة وما أهميتها، وكيف أنه بإمتلاكها سيتمكن من جذب المحبين من حوله!. وكيف أنه بنقصها سيكون مشروع حقد وحسد مستقبلي على من يملكونها.
فالحقيقة أن المادة قد أفسدت علينا حتى أقرب وأطهر العلاقات الحميمة، ولوثت المشاعر والعواطف، التي لم يكن في السابق يداخلها الشك ولا يسير إلى جوارها. فعلاقة الأخ بأخيه كانت تعني الموت دونه، وكانت تعني قطع اللسان قبل أن يذكر عيبه. وعلاقة الصديق بصديقه كانت تعني حفظه في حضوره وغيبته، والتفاني له، وتحمل ألم الجراح والضيم عنه دون قيد أو شرط، ودون مّن ولا شكوى. ولكن وللأسف الشديد أنه وحتى في تلك العلاقات الأصيلة لم نعد نجد الصفاء فيها، ولم يعد يقصد بها وجه الله سبحانه وتعالى.
فتجد الأخ أمام الناس يرائي ويقبل رأس ويد أخيه الأكبر بخضوع، بينما هو في حقيقة الأمر لا يحترمه ولا يسأل عنه بالأيام الطويلة، ولا يقف معه في حاجته، ولا يدخل إلى بيته إلا إذا خشي أن يعلم الناس بذلك!.
وتجد الصديق يحيك لصديقة الشباك الخفية ليقع فيها، ويكذبه، ويحقره بداعي المزاح، ويتأمر عليه، ويخادعه، رغم أنه أمام الناس يظهر له الود والحب والتفاني.
فلماذا أصبحت حياتنا مقلوبة؟. ولماذا أصبحت علاقاتنا مثلومة؟. ولماذا لا يحبنا الأحباب إلا إذا كنا مصابين منكسرين مطويين أمامهم بأردية الحزن والمذلة؟. ولماذا يكرهوننا ويتجنبوننا إذا كنا أعزاء منتصرين فرحين؟.
فبالنظر إلى حقيقة ما يحدث نجد أن (الغيرة) هي الدافع الأساسي، الذي أصبح يحرك العلاقات الإنسانية من حولنا، وأن تلك الغيرة تتطور في بعض الحالات المرضية لتصبح حسدا يتحكم في أغلب تصرفات من حولنا، بديلا عن دافع الحب الذي لم يعد له مكانا بيننا. فيحسدك صديقك أو أخوك على كل شمعة فرح في حياتك، ويحاول إطفائها وتهميشها، والتقليل من قيمتها، ولا يحاول ذكرها أو التذكير بها لتصغر في عيون الآخرين وتموت وتنمحي في أسرع وقت ممكن. بينما يفرح بحدوث الحزن أو المصيبة من حولك، فيضخمها ويباركها، ويتمنى طول بقائها حولك، ويحضر لك مشمرا عن ساعديه، وكأنه المنقذ الذي لا يمكن الإستغناء عنه، ويخبر عنها في كل مكان، ويعيب تصرفاتك التي أدت إليها، ويتباهى بين الكل ويذكر دوره العظيم في إنتشالك من حزنك ومصيبتك!.
وردا على سوالي في مقدمة المقال، أقول إن الأخ الوافي أو الصديق الصدوق يظهر على حقيقته عندما يكون محبا وفيا صادقا في كل الأوقات والأمكنة والظروف، فلا تختلف تصرفاته ومحبته في حزنك عن فرحك، حتى وأن تبدلت معطياتك، وأن لا يكون يوما لك وبعده ضدك. وأن يكون معك أو خلفك بنفس الأسلوب والمعاني والأمانة، فلا يطعنك في ظهرك كلما حانت له فرصة للغدر، وأن يفرح من قلبه لفرحك، وأن يحزن لحزنك بنفس المستوى الإنساني، فلا يبني بطولاته على أحزانك، ولا يقلل من أفراحك. ذلك هو فقط الأخ الصادق الصدوق.
وذلك هو الأخ أو الصديق الذي نتمناه لأنفسنا ولأبنائنا. ولكنه وللأسف الشديد أصبح في يومنا هذا أندر من بيضة العنقاء الخرافية!.
[CENTER]الكاتب د. شاهر النهاري[/CENTER]
[/SIZE][/FONT][/B]
التعليقات 4
4 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
Warning: Attempt to read property "display_name" on bool in /home/tareebne/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 281
Warning: Attempt to read property "user_level" on bool in /home/tareebne/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 282
Warning: Attempt to read property "user_url" on bool in /home/tareebne/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 283
Warning: Attempt to read property "ID" on bool in /home/tareebne/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 284
14/07/2010 في 9:36 م[3] رابط التعليق
[FONT=Arial][SIZE=4]الدكتور شاهر النهاري …
صدقت ولا فض فوك على ماخط قلمك ..
إن المجتمع للأسف الشديد بدأ يزحف نحو الهاوية تفكك إجتماعي , خلافات أسرية ,عقوق الوالدين
,عدم إحترام الكبير , ظهور صوت ومكانة السفهاء, سيطرة السفيه على كبار السن…
تغييرات عجيبه في المجتمع وفي الأسرة لم نراها من قبل وصارت المصالح والعلاقات تلعب الدور الأكبر
حتى بين الأخوة ..
بعد الناس عن الدين ثم المبادئ والقيم والشيم والأعراف والأخلاق جعلهم ماديين فقط …
نسأل الله السلامة …[/SIZE][/FONT]
(0)
(0)
Warning: Attempt to read property "display_name" on bool in /home/tareebne/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 281
Warning: Attempt to read property "user_level" on bool in /home/tareebne/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 282
Warning: Attempt to read property "user_url" on bool in /home/tareebne/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 283
Warning: Attempt to read property "ID" on bool in /home/tareebne/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 284
14/07/2010 في 9:54 م[3] رابط التعليق
دكتور شاهر
دائما أضع أمام عيني مقولة إن الخلّ الوفي من المستحيلات الثلاث ,,, وخاصة في هذا الزمن …
لكن صدقني أن المحبه في الله سبحانه وتعالى هي التي تبقى وهي من اسمى وأرقى العلاقات الانسانية فلا حب
اصفى واجمل من هذا الحب ولن يخيبك من يحبك أو أحببته في الله في هذا الزمان الاغبر.
حضورك مميز يادكتور… شكراً
(0)
(0)
Warning: Attempt to read property "display_name" on bool in /home/tareebne/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 281
Warning: Attempt to read property "user_level" on bool in /home/tareebne/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 282
Warning: Attempt to read property "user_url" on bool in /home/tareebne/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 283
Warning: Attempt to read property "ID" on bool in /home/tareebne/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 284
19/07/2010 في 10:26 ص[3] رابط التعليق
المقال رائع جداا
تسلم يدك يادكتور على هذا المقال الاكثر من رائع ويحاكي مشكله تواجهه مجتمعنا في هذا العصر….. ننتضر منك المقالات القادمه انشاء الله…وشكراااااااااا
(0)
(0)
Warning: Attempt to read property "display_name" on bool in /home/tareebne/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 281
Warning: Attempt to read property "user_level" on bool in /home/tareebne/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 282
Warning: Attempt to read property "user_url" on bool in /home/tareebne/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 283
Warning: Attempt to read property "ID" on bool in /home/tareebne/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 284
22/07/2010 في 10:09 م[3] رابط التعليق
مقال خبير مجرب لماح لاكن اخي شاهر كنا في السابق بيوتنا قريبة من بعضها البعض فنشترك في الاحزان والافراح والسهر ونسمع اصوات الريبة والخوف فناتي سراعا لمساعدة جيراننا لنوازلهم ونستأنس لتقديم خدماتنا لبعضنا لاننا محتاجين لبعضنا باستمرار ! اما الان فكل واحد بنى له بيت واسع وسط حوش واسع بعيد عن الناس وعنده سياره ولا يحتاج احد ولو مرض لما علم به احد بل بعضهم يموت ولا يعلم به جاره فتولدت الاستاذيه في النفوس والعجب والفخر والكبر حتى نسي من كان له عليه معروف في يوم من الايام او على ابوه واستبدل بهم اصحاب وزملاء واصدقاء من اصناف شتى وطغت المجاملات على التواصي بالخير ولا حول ولاقوة الا بالله ! الامر الثاني كثرة الوهم بامور لا تستساغ ولا تقبل وتعليلات هشه ليس لها اثر في الواقع مع اصابنا هوس التجاره في الاسهم الخبيثه حتى لا يستطيع احد ان يستقبل احد او يزوره ثم انقشعت سحابة الصيف والغبار وعرفنا بعدها افرسا ركبنا ام حمار . وعد علينا بجديد مفيد كهذا يا اخ شاهر ولا تحرمنا من قلمك المبارك
(0)
(0)