بعد مضي فترة ( 1080 يوما) ، أراها كبيسة قضيتها في منطقة عسير وتحديدا أبها، وتخللتها بعض الأيام المسروقة ما بين طريب والرياض ، ها أنا ذا أغادر ولم يعلق في ذاكرتي من المنطقة ما يستحق الذكر الجميل أو الحسن أو التقدير لا إنسانا و لا مكانا و لا كيانا و لا فعلا إثرائيا عقليا أو قلبيا أو حتى نشاطا جسديا ، سوى الأستاذ العزيز لدرجة الإكبار / سعيد بن صالح آل نعمه الصحفي النشأة والمذيع المرحلة والمسؤول في الحالة الراهنة ، وقد برهن لي عمليا أبو عبدالعزيز أن المثل القائل "عدوك صاحب مهنتك" بأنه مثل قد يكون غير صحيح بالمطلق وإن قائله ربما أنه كان في حالة غضب جنوني مع زميل له قال قولا آمن به في لحظة غيبوبة عقلية ، وقد قيل قديما "خذو الحكمة من أفواه المجانين" ، أو أنه ربما كان مفوها فقال قولا صار مثلا يتداوله ويتناقله الناس وصحيحه في رأيي من واقع تجربتي الشخصية ، وآخر هذه التجارب الزميل أبا عبد العزيز هو" أن صديقك صاحب مهنتك" وليس عدوك وبالذات المهن الرفيعة القيّمة والصحافة سنامها ـــ والصحفي المحترف المحترم لمهنته هو في منزلة سامية بين الناس بعد الرسل وقبل المعلمين ، وليست المهن الوضيعة أو المتدنية أو حتى المهن التي يتشابه فيها الكثير من الناس والتي قد ينطبق عليها المثل.
هذه الأيام أو المرحلة التي عشتها في عسير لم أجد ولم أفقد فيها ومنها مايستحق الذكر والتأسف عليه سوى الافتقار والافتقاد لجيرة وطيبة ونقاء ودماثة خلق أبو عبد العزيز والتحاور معه.
هذا الزميل خلقه رفيع جدا وقد كان بالنسبة لي بمثابة الايقونة خلال تلك الفترة الكبيسة كما أسلفت ، لقد أعادني وأعاد لي ذاكرتي وذكرياتي الصحفية القديمة وشخوصها المتميزة وذكرني ببعض المواقف التي انسلخت وتساقطت من ذاكرتي مثل تساقط حبات البرد من غيوم السوده النقية ، هذا وصف للايجابيات من تلك الذكريات في ذاكرتي ، وأيضا تساقطت مثل تساقط العوالق الترابية التهامية على بحيرة سد أبها لكثرة ما فيها من الغث ولايخلو تاريخ أي انسان من السلبيات وهذا وصفا للسلبيات إذ لا يوجد ذكريات جميلة بالمطلق في حياة الناس حتى أولي النعمة منهم تمر بهم في حياتهم منغصات تكفي لتدمير قارة بأكملها .فبحكم جيرتي لأبو عبد العزيز في منزله بحي الضباب التي أرجو واعتقد أنها من دلائل توفيق الله لي حيث ساقني اليه فيها ، أي هذه الجيرة كثير من الصور والمواقف الحياتية والذكريات المهنية والعلاقات الاجتماعية ما يستحق التأمل والتفكير والتفكّر في احداثها وشخوصها وظروفها ونتائجها ،كنت واياه نلتقي يوميا وطوال هذه المدة ننهل من جميل الذكريات الصحفية وسير الصحافيين وعلاقاتنا بالشخصيات العامة وبالوزراء وحتى عن ومع الأمراء ومواقف كل منا خلال السيرة الصحفية الشخصية وكان هو سيد الحوار بحكم حيويته الشبابية ماشاء الله و أنا المنصت والمداخل أحيانا بحكم شيخوختي والحمد لله .
لم أزامل ابا عبد العزيز صحفيا لسوء حظي فقد أتى للرياض المدينة وجامعة الملك سعود وقسمها الاعلامي وصحيفة الرياض بعد أن تنحيّت جانبا بفعل قصري قاهر عن العمل الصحفي ، لكنني عدت له بفضل الله ثم بفضل صاحب السلطان و عظيم الشأن ، وأعظم إنسان في هذا الزمان غصبا على مكائد كل كائن من كان المتلذذين لقتل الروح والطموح في الانسان . لكن كل الذين عاصرهم والتقاهم ابا عبد العزيز في الجامعة من الدكاترة والأساتذة وفي الميداني الصحفية من زملاء ومسئولين أعرفهم أكثر من معرفتي بنفسي، بل أعرف حتى المواقف الشخصية لهم الرسمية والخاصة لأني كنت في تسع سنوات صحافة مثل هد هد سليمان أقدم الاخبار المتميزة وأعرف مالايعرف الكثير من الزملاء وكنت بينهم برغم الفوارق التعليمية ، فأنا بينهم بدوي أميّ وهم مدنيين متعلمين ، كنت بينهم كما كان محمد علي كلاي يقول عن نفسه في الملاكمة أرقص مثل الفراشة وألسع مثل النحلة ، وقد تداولنا أنا وأبا عبد العزيز الكثير من المعلومات في لقاءتنا اليومية عنهم وعن تلك المواقف والأحداث .
والصحافي الصحيح هو بمثابة بنك معلومات أو ذاكرة حاسوب وأرشيف جميل يعود له الانسان للا ستفادة والاستشهاد بالأحداث والتواريخ والشخوص عند الحديث عن الأحداث والقضايا التي لها علاقة بسيرته وحياته المهنية .وبالمناسبة حينما أتيت اليه لأجاوره ، لم أعرفه لما تعرضت له ذاكرتي من إحباط واهتراء بفعل عوامل سكيوفسيولوجية اجتماعية ومهنية بغيضة بل هو الذي عرفني وعرّفني حتى بموقف اعتذاري ، مني للأمير خالد الفيصل في مجلس سموه لتأخري عن الموعد بحكم الزحام المروري خلال زيارة صحفية لي لأبها وكان أبا عبد العزيز ، حينها مندوبا لوكالة الأنباء السعودية وملازما للأمير لتغطية تحركات سموه قبل أن يصبح مذيعا في محطة تلفاز أبها، ثم كاد أن يكون مديرا لمحطة تلفاز الدمام وباشر العمل هناك عدة اسابيع ، لولا أنه عدل عن الترقية الوظيفية وانتقل من وزارة الإعلام لإمارة منطقة عسير لظروفه العائلية .
لقد تجددت خلايا ذاكرتي ومواجعي وندامتي على اتجاهي لمهنتي الحياتية الصحفية معا مع أبو عبد العزيز ومع أحاديثه ومواقفه وأرشيفه العقلي الرائع ، وقد أعود له ولها في مقالة أخرى ؛ لأنها صادفت وحركت هوى في النفس التواقة للوعي .ولهذا أقول لعسير المنطقة والأمكنة كيانات وإنسانيات وفعاليات :
( وداعا غير مأسوفا عليك وإلى لقاء جميلا عذب عذوبة روحك يا أبا عبد العزيز ) .
ــــــ الإعلامي اللبناني الرائع نديم قطيش ومن خلال برنامجه المميز التحليلي ( DNA ) الذي أشاهده من خلال العربية الحدث يعتبر قصف يومي للموافقة والمماتعة ، أي ما يسمى بالمقاومة و الممانعة من اتباع إيران في سوريا والعراق ولبنان وكل من شايعهم من الشيعة ..
.أسلوب الاستاذ نديم قطيش الإعلامي وباللهجة اللبنانية الشعبية الصرْفة ، يوصّل رسالته و بقوة للناس كافة بما يفوق قوة لغة الضاد او اللهجة الاعلامية الدارجة لو أنه استخدمها .
الأستاذ قطيش من خلال برنامجه ذلك بالنسبة لنا يعادل ألف محطة تلفازية معادية ، وأتمنى أن نراه في الجنادرية ليتحدث عن الرسائل الاعلامية التهكمية الساخرة لتكون الفائدة أعم .
ـــــ صيف أبها حتى لو بلغ عنان السماء قيمة وقمّة لست معنيا به وبفعالياته فهناك من عايش تلك الفعاليات ويمكنه ابداء الرأي الذي يراه أما مارأيت انا عبر الشاشة عن المحافظات ومشاركاتها فمضحك و الحضور كانوا من أبناء المحافظات فقط لا غير وبطريقة الفزعة والمجاملة وحب الخشوم والبرستيج الساذج أو النفخة الكاذبة .وهذا قمة السقوط في نظري ومادام الامر كذلك فلماذا لا تكون الفعاليات في المحافظات وبشكل أسبوعي وبدعم من السياحة بدلا من الذهاب الى مسرح المفتاحة بدون مفاتيح فنيه وثقافيه للجمهور الذي غاب ولم يحضر . لكن ما يهمني هو مشاركة محافظة طريب ومراكزها التي جاءت وكأنها حفلة شخصية خلت من الجمهور ومن اللمسات الفنية حتى العلم السعودي لم يكن علم مناسبات وطنيه رسمية ، بل كان كأنه علم مشجع كرة في صالة مغلقة والحضور بائس مخجل .أتمنى أن يًعدّ لصيف العام القادم إعدادا يليق بطريب تاريخا واسما ، وشخوصا وثقافة وفنونا بعيدا عن الارتجال وكيفما اتفق باسم احتفال والخروج عن الكلاسيكية الاحتفالية أمر في غاية الأهمية ، وتجديد ذهني للمتلقي وذلك لمصلحة الصيف والمصيّف ولن تعدموا الافكار النيرة من أهل طريب وعقوله المستنيرة .
تغريدة : يغني عن ضباب عسير رذاذ الماء المبخّر في نجد الباهر وليله الساحر .
قول : في عسير عقول كبيرة تغيبها وتلغيها العادات البالية والطباع العقيمة .
واتس أب : يمكن للمثقف الحق ان يأخذ زمنه وزمن غيره من الجهّال .
معنى : لطريب المكان وليس الإنسان مساحة حب كبيرة في القلب .
أ . محمد بن علي آل كدم القحطاني
التعليقات 5
5 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
محمد الجـــــــابري
16/08/2016 في 8:14 م[3] رابط التعليق
من حسن حظ متابعيك ان كان “ابا عبد العزيز سببا في عودنك الينا من خلال صحيفتنا الحبيبة” وكما اشار جنابك الى ربط مشاركي وادي طريب في المفتاحة يوحي بانه كان هامشيا وتحصيل حاصل .. ربما استفاد المعنيين بجلب الفعاليات الى واديهم مستقبلا.. واشكرك على وضع النقاط في مكانها الصحيح على اسماء عمالقة الاعلام في بلادنا وبلاد العرب وحقيقة ان الاعلامي/نديم قطيش قام بما عجزت عنه كل وسائل الاعلام العربيه رغم امكانياتها الهائلة …
تحياتي ابا ياسر ودام مقامك اينما كنت
(0)
(0)
علي مبارك بن عواض
16/08/2016 في 10:12 م[3] رابط التعليق
الأخ الفاضل الأستاذ/محمد بن علي
السلام عليكم ورحمةالله وبركاته:
هون عليك هذا الوجد الذي كتبته بحزن أفقدك صوابك حتى قرأت كلماتك وكأنها ليست لك،فلم نعهد من قلمك إلا الاتزان ورسم الكلمة باعتدال.
أما في مقالك هذا فغريب ما كتبت عندما طمست كل ما في عسير من شموخ الرجال وجمال المكان فلم يعلق بذاكرتك شيء من هذا.
والأمر من ذلك أنك هداني الله وإياك جعلت مهنة الصحفي المحترم هي خير المهن بعد الرسل وقبل المعلمين!وهذا كلام يحتاج التحري والتدقيق والمراجعة.
(0)
(0)
سعيد القحطاني
17/08/2016 في 12:22 م[3] رابط التعليق
استاذ محمد اخر اربعة سطور تلخص مقالك الرائع وأقف معك تماما فيما ذكرت
(0)
(0)
سعيد القحطاني
18/08/2016 في 10:16 ص[3] رابط التعليق
الصحافة ليست بأشرف مهنة بعد الانبياء معاذالله ان يقال ذلك … ليست بأشرف من الطب المؤتمن على صحة الانسان أو العسكري المرابط على ثغور الوطن أو المعلم المؤتمن على عقول الناشئة … أتمنى أن تتراجع أستاذ محمد عن ذلك بكل ادب وشجاعة
(0)
(0)
السقف البعيد
20/08/2016 في 10:21 م[3] رابط التعليق
اخي ابا ياسر لنهب ان كلامك صحيح ١٠٠% وهو بكل تاكيد ومع احترامي لجنابك المؤقر يجانبه الصواب الخير موجود وخصال المسلم العربي نبيل تتمثل في كل ابناء المنطقه رغم وجود هفوات طلب الكمال محال ولكن انت اخي الكريم تعمم باللوم وتكيل التهم لا لشيئ الا لان شيئاً لم يروق لك انت مثل رائع للصحفي الخضرم لاكن لاتحرق تاريخك بمثل هذا المقال وفق الله الجميع لكل خير
(0)
(0)