الصحفي النشط العاشق لمهنته المتمكن منها والمستغل لموهبته العارفبها، والذي يملك أدوات وصناعة حرفته الإعلامية هو الصحفي الصحيحوهو المتحرك غير الساكن وغير التقليدي أي المشاغب والمشاكس بلغةالصحافة الرصينة، الشقي بلغة المداعبة الصحفية العامة الدارجة تخفيفاللمعنى وتسهيلا للقول والنطق، هذا النمط من الصحفيين نادر وهو مطلبومبتغى كل رئيس تحرير واعي حينما كانت الصحافة الورقية ، وحالياتشعب العمل الصحفي وخفتت الصحافة الورقية بمعناها المهني الطباعيلكن الصحافة كمهنة إعلاميه واعية انتثرت على رصيف الواقع مثل حباتالسبحة إذا انفرط عقدها وتعيشون الآن أنماط شتى من الوسائلالإعلامية غير المنضبطة وغير الواعية وغير المهنية؛ لأن المتخصص تساوىفي الكلام مع الجاهل والأمي ولم يعد بين أيدينا من نمسك به ونعاتبه أونعاقبه على السوء الإعلامي الذي يهدم ويدمي ..
الزميل محمد الشقاء هو من هذا النوع صحفيا واعيا و مشاكسا معاكسالكل حالة ركود ومهادنة ومداهنة، عرفته في صحيفة المسائية في فترةاستراحتها أو موتها السريري وليس الدماغي، الشقاء كان من هذا النوع، يفكر ثم يخلق الفكرة ويطورها ثم ينشرها تماما وكأنه ضابط في سلاحالهندسة يسايس لغما أرضيا ينزع مفتاح أمانه ثم يفجره بين الجنودالصحفيين ليموت ويجرح أكبر عدد من هؤلاء القوم ليكسب متابعيه منالقراء من خلال براعته في عمله التفجيري ..
الزميل محمد الشقاء وهو المتخصص في الإعلام يعرف خفايا الخبروالكلمة واحتمالاتها ومآلاتها وتأثيراتها، ولكن ولكونه مثير وفي داخله إثارةصحافية تتحرك ينفر من السكون والدعة والمجاملة وتستثيره الهالةالإعلامية المثيرة المثمرة المستنيرة، المقرونة بالرأي والمصداقية والتجديدوالخروج عن المألوف والتقليدي الممجوج في نمط الصحافة التقليديةالورقية أيامها، المحافظة بسذاجة هروبا من الحيوية والنشاط والإبداعوالبروز فقد أحدث الكثير من الحالات المزعجة للساكن من أهل الصحافةوكنت من شهود مرحلته تلك بالرغم من قنوطي من الحالة الصحافية التيكانت عليها المسائية، بعد مغادرة العظيم الدكتور عبد الله الطويرقي لهاارتقاء بوعيه من المستوى الصحفي الهزيل والوضيع الذي تريده الإدارةغير الواعية للصحافة وهي تجني نتائج سوءها الآن، وكنت من أهلها وكانهو من سدنتها من الشباب الصحفي يومها الذي عجت بهم مكاتبالمسائية في فترة تدريبه وعمله بها لاحقا وبشكل مؤقت وليس احترافيا ..
لهذا كان الزميل الشقاء أكثر من يخلق الرأي الخبري من مجرد إشارةبسيطة أو كلمة عارضة أو نبوءة استنباطية استباقية لأمر ما دار أو يدورفي تفكيره، أو حدث أو حالة ماء خطرت على باله بغض النظر عن وجاهةالفكرة لدي غيره أو رضا أسرة التحرير، المهم عنده هو قناعته وترجمة وعيهالعام إلى فعل وحقيقة خبرية أو رأي ..
ولأن المسائية في قيادة الزميل المرحوم الأستاذ / محمد الوعيل كانت أشبهبالحكاية العامة المتداولة أو البرشور التلقيدي لبضاعة كاسدة لم تكن حالةصحفية بالمعنى المهني الصحيح؛ لأنه كان يخطط بمساعدة معالي الشيخفيصل الشهيل للانتقال لصحيفة اليوم وقد حدث، المسائية لم يكن فيها منالصحافة الا اسمها ولم يكن لصحيفة المسائية حينها من اسمها لا إنهامطبوعة ورقية، بعكس بدايتها الأولى التي كنت أنافيها أو في بدايتهاالثانية في عهد الدكتور / عبد الله الطويرقي الذي خلق منها في أسابيعصحيفة منافسة لأمها الجزيرة، فحورب فترك الجحر ودابه ترفعا وسأسردبعضا من تلك الحكايات في مذكراتي الصحفية التي أعدها الآن بتأنوهدوء ..
كتب الزميل محمد الشقاء ردا على صحيفة الرياض تعليقا من وجهة نظرهيجمع بين الرأي والخبر، لكنه كان صارخا وقويا ولم يكن متوقعا منهكمحرر تحت التجربه أو من مطبوعة خاملة مثل المسائية أن تكونتصادمية وصحافييها المجهولين تاريخيا، لم يكن متوقعا منهم أن ينبريأحدهم من المتعاونيين فيرد على الصحيفة الأولى بالمملكة الرياض، وقدفهم الرأي أو التعليق أو الخبر على أن المقصود هو الأستاذ / المرحومتركي السديري أولا ثم الرياض بهيلمانها وتحريرها الكبير ومكانتها التيلاينافسها عليها أحد حتى اليوم ، الإثارة والقوة والصدمة كانت فيالعنوان الذي كتبه الزميل محمد الشقاء (صدع في شمال الرياض).
عنوان صحفيا جميلا لكنه مثير وقوي وصادم هنا ثارت ثائرة الأستاذالقدير تركي السديري رحمه الله كيف يجروء صحفي متعاون وهو لم يزلطالب في قسم الإعلام أن يقول مثل هذا القول عن الرياض الصحيفةالكبيرة والأولى في المملكة، وفي صحيفة متواضعة هي المسائية لايكاديقرأها سوى محرريها في تلك الفترة ليس فيه مجال للمقارنة لا تحريرا ولاتوزيعا، وبلغ الأستاذ الوعيل غضب الأستاذ تركي السديري وهو لناجميعا أنا والوعيل وغيره كثير من الإعلاميين على مستوى المملكة أستاذايفوق مكانة أساتذة الإعلام عند غيرنا؛ لفكره ومهنيته ومكانته الثقافيةوالصحافية وفوقها الإجتماعية ..
كلمني المرحوم الأستاذ محمد الوعيل عن غضب المرحوم الأستاذ تركيالسديري وطلب مني التفكير في حل الإشكال وكيف يمكن التخاطب معأبو عبد الله والاعتذار منه، وليس الاعتذار فقط بل كيف يمكن التأكد منرضى الأستاذ تركي وتنازله بصدق عن الزعل وقبول الاعتذار وكيف يمكنالوصول الى قلب الأستاذ تركي السديري والتأكد من قبول الاعتذاروصفاء الخاطر نحو الوعيل ..
قلت له اترك الأمر لي سأتولى الأمر ولي عند الأستاذ تركي السديريحظوة غير عادية وتقدير منقطع النظير رحمه الله، بالرغم من أنني أناالذي يجب أن أحترمه وأقدره وأجله وهو كذلك وكانت مواقفه معي عظيمة، وأنا الذي خرجت من الرياض مغاضبا له رحمه الله لكنه لم يحمل عليّ ولميعاتبني قط، وكان يعاملني حتى وأنا خارج الرياض باحترام وتقدير يليقبه، ووقف معي في أزمتي أيام الجزيرة وأعتقد أنني أستحق تلك الوقفةلأنه كبير في مواقفه كلها ومعي كان مختلفا جدا ..
اتصلت على الأستاذ تركي السديري وأبلغته بموقف الأستاذ / محمدالوعيل وخجله منه ووجله من غضبه نتيجة لهذا الرأي للزميل محمد الشقاءوأنني أتمنى أن يستقبلني أنا والأستاذ الوعيل لتقديم الاعتذار له عن ذلكالخطأ وتجاوز الزميل محمد الشقاء فيما كتب إن كان يراه أنه ضد ه وضدالرياض، فوافق بعد أن صنفنا وسما أناس كثير بأسمائهم الشخصيةوالمهنية وألتقيناه في مكتبه مساء وقبل الإعتذار بعد حوار خفيف علىهامش الصحافة والقضية أسماءً ومراكز ومهنية وتجريد لذوات كثير منالزملاء وقال هذا الصحفي خطير، وقال مخاطبا الوعيل بعد أن دب الودوالصفاء والتصافي والتسامح المعهود من أبو عبد الله بيننا: انتبه لايسببلكم إغلاق المسائية المتعثرة ، هذا صحفي جامح وقد تسجن بسببهيالوعيل أما القحطاني فلديه تجارب وصبور .. وعدناه بالحذر بعد أن قبلالاعتذار وصفاء الخاطر نحو الوعيل على أن يدفع الشقاء الثمن، فقال أناماقلت عاقبه بس أنتبه له وأستثمره صحفيا، ولا أعلم إن كان الزميلالشقاء قد تبلغ بذلك أم لا ، الزميل الشقاء أراه صحفيا حيويا نشطا وبعدأن عرفته جيدا، تمنيت لو أنه بدأ صحفيا مبكرا وفي الرياض لأنه كانسيستفيد بشكل قوي ومدهش وثري من قربه من الأستاذ السديري ، فوعيه وثقافته تثمر سريعا مع من هم في مثل فهم ووعي الشقاء والمرحومالسديري يعطي كل ساعة جرعات تطويرية صحفية لمن حوله ويرى فيهموهبة صحفية، وهو ما هو عليه الزميل الشقاء فالرياض تشبه الجامعةوالصحف الأخرى تشبه المدارس العامة والمسائية كأنها مدرسة ليليةمحدودة العطاء ..
وهذه واحدة من حكايات المسائية الكثيرة المثيرة التي أعرفها وعشتها وكانبطلها الزميل المثير الصحفي القدير محمد الشقاء الشمري الضيغميالأصل الصادح بالرأي والرؤيا صحفيا وفي تويتر حاليا متجددا ومتطورا، له المجد ينقاد .
تويتر: MOHAMMED_KEDEM@ أ . محمد بن كدم القحطاني
الرابط المقال pdf