قرأت ذات مساء قصة قصيرة لأحد الأساتذة في جامعة ماليزية، أنه اشترط على طلابه إسعاد إنسان واحد مدة الفصل الدراسي للحصول على الدرجة الكاملة في مادته، وفرض الأستاذ الماليزي على طلبته الثلاثين أن يكون هذا الإنسان خارج محيط أسرته، وأن يقدم عرضاً مرئياً عن ما قام به في نهاية الفصل أمام زملائه ..
قام طالب ماليزي وهو أحد الفائزين العشرة، بوضع هدية صغيرة يومياً أمام باب شقة زميله الهندي المسلم؛ الذي ابتعثه والده لدراسة الطب في ماليزيا ..
اختاره تحديداً لأنه طوال مجاورته له لنحو عام كان الطالب الهندي حزينا منطويا على نفسه، ليس لديه أصدقاء، فكانت هدية الطالب الماليزي دافعا للطالب الهندي أن يتحسن مزاجه، و انعكس ذلك إيجابا على مسيرته وإبداعه في تخصصه الطبي؛ حسب ما ورد في تفاصيل القصة التي لا تخلو من تفاصيل صغيرة أدخلت السرور على قلبي أنا أيضا ..
حين قرأتها تبادر إلى ذهني تساؤلات ..
ماذا لو لاحظت كلّ صباح أن أحدهم ( وأنت لا تعرفه ) وضع لك هدية صغيرة ( قبعة جميلة ) أو حتى وردة، أو كتاب، أو أي شيء آخر أمام باب منزلك؟
أو كتب لك رسالة وعلقها في الباب كلّ صباح ، واستمر على هذا الحال لأكثر من شهرين، كيف سيكون شعورك وماهي ردة فعلك؟
هل ستقبل ذلك؟
هل تتحين الفرصة للتعرف عليه؟
هل ستمنعه من فعل ذلك؟
والأهم من ذلك بمَ ستفكر ؟!! وأي الشكوك ستطرق رأسك؟
وكم من سؤال ستطرحه، وتتقبل إجابتك السلبية عليه قبل الإيجابية؟
هل نحن نعيش مرحلة انفصالية بين ما نعتقده ونؤمن به، وبين مانطبقه؟
ديننا دين حسن الظن، إلا أننا للأسف لا نثق بأحد بسهولة، شكوكنا تهاجم غمام الحسن فتبدده، وتقفز الأسئلة تترا لتنزع منا حسن الظن: لِمَ فعل ذلك ؟ ماذا يريد؟ منذ متى وهو يعرفني؟
ثم نبدأ في نسج شبكة من التحليلات، والتفسيرات التي لا تمت للمنطق بصلة،
وننتهي بأن نؤكد لأنفسنا أنه يضمر لنا شرا !!!
وننطلق منها إما لافتعال المشكلة معه، أو الخوف والتحذير منه! وتناسينا قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: ( أحبّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ )
فهلا تخلينا عن سوء الظن وبادرنا إلى صنع سعادة الآخرين ولو بوردة على فترات متقطعة وليس بالضرورة أن تستمر شهرين أو أكثر؟
بقلم: جواهر الخثلان