في لحظة العناق، تصمت الكلمات
وتنطق الأرواح، كأن الزمن يتوقف ليُفسح المجال لدفء القلوب أن يُرمّم ما أفسدته الحياة، هناك فقط، يصبح الصمت حديثًا، والنبض رسالة لا تحتاج إلى تفسير.
في تلك اللحظة، يختلط الأمان بالشوق، وتذوب المسافات بين الأجساد والأرواح، ليصبح العناق وطنًا صغيرًا، تُلقى فيه الأحزان وتُزرع فيه بذور الطمأنينة، كأن العالم بأسره يتقلص ليصبح بين ذراعي من نحب.
هناك، تنساب المشاعر كجدول رقراق، وتختفي كل الكلمات غير المعلنة في دفء الصدر الملتصق.
يصبح العناق وعدًا صامتًا، بأننا هنا، مهما عصف بنا الألم أو طوتنا الأقدار، نبقى سندًا لبعضنا، نلملم شتات أرواحنا ونبدأ من جديد.
الحضن ليس فقط من حبيب، بل من ابن يُعيد لك براءة الحياة، ومن أم تُغرقك بدفء لا يُشبهه شيء، ومن صديق يُطمئنك بأنك لست وحدك.
الحضن لغة صامتة، لكنه أبلغ من كل الكلمات، فهو تصديقٌ للحب، ومأوى من كل مخاوف العالم، ومساحة صغيرة تحمل سلام الكون بأسره.
والروح على من يداريها ترتمي،
نبحث عن أمانٍ دائِماً لا يزول، نجد فيه الدفء والملاذ.
وفي صدق العطاء شفاء.
فليس كل حضن يُطفئ لهيبها،
ولا كل يد تُمسك شتات غربتها.
إنما تهفو لمن يُحسن الإصغاء،
ويرى فيها ما يعجز القلب عن البوح به.
وكما قال محمود درويش:
“على هذه الأرض ما يستحق الحياة
حضنُكِ أنتِ…”
أن الروح تجد في من تحب السكنى والملاذ الذي يجعل الحياة جديرة بالعيش.
بقلم/ حصــــة الزهراني
ماجستير في العلاقات العامة والإتصال المؤسسي- وزارة التعليم