في عالم يتسارع نحو الإستهلاك
ويتضخم فيه حجم المعلومات المضللة، تبرز حقيقة واحدة لا تتزعزع، تمامًا مثل الصخرة الراسخة وسط موجٍ متلاطم.
لتستحضر الفارق الشاسع بين جوهر الأشياء وبين الصور المشوهة التي ترسمها الأوهام.
الحقيقة بين الاستقرار والتغيير فهي تحمل طابع الثبات، لا تتغير بمرور الزمن، بل تزداد وضوحًا ورسوخًا كلما نضج وعي الإنسان.
الحقيقة قد تبدو قاسية أو بعيدة عن التوقعات، لكنها تمنح صاحبها وضوحًا في الرؤية وثباتًا في التعامل مع الحياة. في المقابل، تتغير الأوهام وتتكسر كزجاج ملوّن يعكس صورًا مختلفة كلما أضاءه الضوء من زاوية جديدة. قد تنخدع ببريقها للحظات، لكن عند التعمّق فيها، تظهر هشاشتها.
الواقع المعاصر مليء بالأكاذيب والتزييف، سواء كانت في الإعلام، أو وسائل التواصل الاجتماعي، أو حتى في العلاقات الشخصية، هذه الأوهام قد تأتي على شكل صور مبهرجة أو نجاحات مزيفة، وكأنها الزجاج يلفت الأنظار ببريقه الخارجي، تفْتِنُنا هذه الأوهام أحيانًا لكنها تفتقد العمق والمضمون.
الناس تتسابق في التنافس على مظاهر لا تدوم، وتغرق في زيف لا يلبث أن ينكشف.
الحقيقة طريق للحرية، من يملك الحقيقة يعيش حرًا، بعيدًا عن قيود الكذب والتزييف.
الحقيقة تُعطي قوة وثقة، فصاحبها يعرف وجهته، ولا تضلله الإغراءات، هي شعلة ناراً تهديه وسط ظلام الحيرة، فلا ينحرف عن مساره، ولا يقع في فخاخ التصورات الكاذبة.
في النهاية، يبقى لنا أن نتذكر أن الحقيقة، رغم صعوبتها، تحمل في طياتها السلام، بينما الأوهام، رغم بريقها، تتركنا في متاهات الشك.
يقول الشاعر أبو العتاهية:
خلِيليَّ إنَّ الهمَّ قَدْ يتفرَّجُ
ومِنْ كانَ يَبغي الحَقّ، فالحقُّ أبلجُ
وذو الصّدقِ لا يرْتابُ، والعدلُ قائمٌ
عَلَى طرقاتِ الحقِّ، والشرُّ أعوجُ.
بقلم/ حصــــة الزهراني
ماجستير في العلاقات العامة والإتصال المؤسسي- وزارة التعليم