الشقاء بالنعم بات طابع أهل هذا الزمان؛وشغلهم الشاغل..
هل النعمة شقاء؟ ولماذا؟
خلق الله لنا النعم لنستمتع بها بما يرضي الله لا إفراط ولاتفريط وأمرنا بشكرها والمحافظة عليها..
وأنا أخاطب الأنثى التي تحب الجمال وتعشق التغيير وتواكب كل جديد..
تلك الأنثى التي ترفل في نعم الله ليل نهار فما استشعرت قيمتها ولا عرفت معناها الحقيقي..
في نومه هانئة ولقمة دافئة وبيت له سقف في شربة ماء بارد في عافية في البدن في وجود الوالدين في قرب أخ وأخت في ابتسامة طفل ..
لاشك أن الأنثى تستهويها أشياء آخرى لم تذكر لكن يجب أن تكون في حدود ووفق الإمكانيات..
بين الرغبات والاحتياجات تسابق الريح بحثاً عن الاختلاف والتميز عن غيرها من السيدات ليس لضرورة ملحة بل مجارات للأخريات..
في إحدى اللقاءات النسائية تعالت الأصوات وكثر الحديث والجدال حول نشر بعض السيدات من المشاهير لحياتهن بشكل أجدر بأن يكون دعاية أو إعلانًا أو مباهاة مما لا يدعو للشك ..
قالت إحداهنّ: أنا أحسدهنّ..
على النعم التي هنّ فيها؛كل ما يشتهينه يجدْنه؛ من سفرومطاعم وتسوق وعطور وعيادات التجميل ..
تلك المقارنة جعلت الكثيرات منهنّ غير راضياتٍ عن حياتهن ولاأزواجهن ولابيوتهن ..
وهنا أتساءل هل المشاهير وجدوا كل ذلك على طبق من ذهب أم أنهم يتنقلون من محل إلى محل للإعلان والدعاية والنشر ومقابل ذلك يتمتعون بالمزايا العينيه والنقدية كل ماترونه وتسمعونه مدفوع لهم مسبقاً ليس من حساباتهم البنكية ولاثرواتهم الطائلة ..
الشقاء بالنعم!!
هو في البحث عن الكماليات وليس الضروريات..
عن الرغبات وليس الاحتياجات..
الشقاء بالنعم !!
أن تحضر سيدة لعيادة تجميل لتغير في خلق الله ولا يخفى عليكن ما وصل إليه الحال في عيادات التجميل شيء ينافي الفطرة وتشمئز منه النفس ..
حين خلقك الله خلقك في أحسن تقويم ومنحك الحواس والشعر والبصر والسمع ومتعك بالصحة ووهبك الجمال الرباني الذي لو أنفقتِ كنوز الأرض لاتساويه في دقةالصنع وعظمة الخلق؛ لن تستطيع أرقى عيادات التجميل أن تصنعه..
بل للأسف أغلب عيادات التجميل شوهت الجمال بكل المقاييس..
ناهيك عن المبالغ الباهضه التي تصرف عليها..
وعن الألم الذي تنتج عنها فنحن نشتري الألم باموالنا ورغبتنا..
وعن النتائج التي تترتب عليها والمخاطر الصحية التي قد نتعرض لها..
تلك العيادات التي تسعى للكسب المادي ولاشيء غيره وبكل سهولة ستتخلى عنك بعد أن تعبث بك غير آسفة عليك..
هل باتت أرواحنا رخيصة علينا إلى حد العبث بها والركض المحموم وراء آخر الصيحات في عالم الجمال المشؤوم..
الشقاء بالنعم!!
أن يصبح همك متعة زائفة وتقليدًا أعمى وإسرافًا ومباهاة ليس له حدود وخارجه عن المألوف..
الشقاء بالنعم!!
أن تصرفي الألف لتعدّلي أنفك أو تنفخي شفتك أو ترفعي حاجبك أو تكبري صدرك
وأشياء كثيرة يمنعني الحياء عن ذكرها..
وفي المقابل لو وقف على بابك محتاج لاعتذرت بعدم الاستطاعة لأنك لاتملكين المال..
الشقاء بالنعم!!
أن تعيشي حياتك بلا هدف ولامعنى غير متابعة أخبار مشاهير السويشال ميديا دون وعي ولا أدراك لحقيقة حياتهم..
الشقاء بالنعم!!
أن تشغلي حواسك وتفكيريك من الصباح إلى المساء بالنظر في سناباتهم أين ذهبوا ماذا اشتروا ماذا أكلوا أين سكنوا كم صرفوا؟
إنه الشقاء الذي صنعته لنا السويشال ميديا بكل احترافية..
اللهم لاتشقنا بالنعم..
قبل الوداع القناعة والرضا سر من أسرار السعادة كما ذكرها الإمام الشافعي في هذه القصيدة الرائعة..
ولا حزن يدوم ولا سرور
ولا بؤس عليك ولا رخاء
إذا ما كنت ذا قلب قنوع
فأنت ومالك الدنيا سواء
بقلم/ فاطمة الجباري
التعليقات 10
10 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
ام دانه
10/07/2019 في 1:51 ص[3] رابط التعليق
نسأل الرضا وحفظ النعم ??
(0)
(0)
غلاووي
10/07/2019 في 2:29 ص[3] رابط التعليق
نعم استاذتي الرائعه لقد اشغل الناس ماينشر في السوشال ميديا وبلغ بهم الحال الى ازدراء نعمة الله عليهم من امن وامان وصحه وعافيه ووظيفه
وبعض النساء نشأ بينها وبين زوجها خلاف عظيم وطلاق على اتفه الاسباب
طرحك رائع واختيارك للمواضيع اروع
جعل الله ماتخطه يمينك في موازين حسناتك
(0)
(0)
ام باسل
10/07/2019 في 3:04 ص[3] رابط التعليق
صادقه استاذه فاطمه كلام في الصميم اصبحت النساء تقلد المشاهير بكل شي والله العافيه والامن والامان اهم من اموال الدنيا كلها
(0)
(0)
وفاء
10/07/2019 في 3:27 ص[3] رابط التعليق
دام قلمكِ شراع يبحر وسيف حق يصول ويجول
دمتي مبدعةً ومتألقة دوماُ.. تحياتي وتقديري
(0)
(0)
غادة السحيمي
10/07/2019 في 9:42 ص[3] رابط التعليق
كل يوم يمر علينا ونحن نبحر بسفينة الحياة نمر على محطات نقف عند أحدها ونتغاضى عن الأخرى ومنها زوال ودوام وايتلاف النعم
وقيل أن أجمل نعمة أن لا تألف النعمة .
إن أحببت شيئاً لا تعانقه حتى تخنقه ، وإن عشقت ابتعد حتى تذوق طعم الشوق اليه،.
النعمة بروحها وليس بقدرها
فإن أنت ألِفتها ..فقدت الإحساس بها .
أن تمتنّ لله على النعم الصّغيرة قبل الكبيرة ..
وتستشعر ما خصّك الله به وتفكّر فيه ..
هذا من أنفع الأشياء للثبات ومجاوزة رهق الحياة..
مازلتِ..بحر يحمل في جوفه الدرر…
(0)
(0)
رشا
10/07/2019 في 1:17 م[3] رابط التعليق
الحمدلله ملء السموات والأرض
(0)
(0)
أ. هند العيد
10/07/2019 في 1:19 م[3] رابط التعليق
رائع أ. فاطمه
نحتاج لمثل هذا الطرح للتذكير فالنعم لا تدوم إلا بالشكر
(0)
(0)
البتول المغربي
11/07/2019 في 2:07 ص[3] رابط التعليق
خلقنا الله في أحسن تقويم لكننا أردنا التميز فذهبنا إلى عيادات التجميل بدون حاجة ملحة وأصبح كلنا طبق الأصل من الأخرى ، فما فائدة التميز إذا الأختلاف لم يوجد مطلقاً ..
نحن لا نرى في المشاهير إلا جانب واحد الجمال لكننا لا ندرك ما الذي يحدث خلف الكاميرا من أمور . بحثنا عن الجمال الظاهري الزائل ولم نبحث عن الجمال الروحي الذي يبقي معنا طوال حياتنا .
النعم زائلة إذا لم نحفظ عليها …
سلمت أناملك الأستاذة الفاضلة فاطمة الجباري
(0)
(0)
فايزة الثقفي
11/07/2019 في 2:42 ص[3] رابط التعليق
يعطيك العافية استاذتنا الغالية فقد صدقتي فيما خطتة أناملك لنا .اللهم لاتشقنا بالنعم …
(0)
(0)
أ . أماني كسَّار
13/07/2019 في 6:27 ص[3] رابط التعليق
اصبتِ و ابدعتِ وتألقت فيما كتبت وأرشدتِ كتب الله اجرك ورفع
قدرك وزادك فضلاً وعلماً وتوفيقاً.
والله لأننا فعلاً نتقلب في نعم الله. أوزعنا يارب شكرك ونعوذ بك
ان نشقى بنعمك نفعنا الله وايكم ونفع بنا ✨
(0)
(0)