في الحروب تحاصر المدن، وتدكُّ الحصون، ويعلو صوت المدافع وأزيز الرصاص، فيكفَخ الطير ويجفّ الزرع ويدبّ الخوف..!
و الناس إن لم يُقتلوا فهم إما محاصرون حدّ الهلاك، أو مشردون تائهون في الأرض، وحينها يبرز دور الجيش ذو العدة والعتاد ورجاله الأشاوس، ويعلق الناس آمالهم بعد الله على قوته وشدة بأسه وقدرته على حفظ وتمكين الحدود وبسط الأمن في ربوع البلاد هذا ماعهدناه في حال الحروب التقليدية بين جيوش الدول المتحاربة، ولكن كيف يكون الحال وخصمك غامض وغير مرئي؟!
إذْ حين يهاجمك عدوا قاتلا لا يبقي ولا يذر، يقتحم البلاد تلو البلاد، يجتاز الحدود ويعبر البحار فيقلب أوضاع دول عظمى فيكسد اقتصادها، وتُهْجر مطاراتها، وتتعطل مصالحها، يحتار فيه العالِم والخبير، وتنهار أمامه قدرات أعتى الجيوش حين يسيطر على رؤسائها قبل مرؤوسيها، تبوء خطط عساكرها أمام سطوته بالفشل الذريع! ليتقدم أفراد الجيش الأبيض الصفوف، يقفون في وجه هذا العدو بكل اقتدار، ميادين قتالهم المستشفيات، وعدتهم الثقة بالله والتوكل عليه أولا، وحب المهنة والولاء لها ثانيا، وإنسانيتهم ثالثا ورابعا وعاشرا.
نعم إنهم أبطال "الصحة" هم العنوان الأجمل والأجدر لهذه المرحلة الحساسة، هم من يستحقون الثقة والإشادة والثناء فقد أثبتوا بما لا يدع مجالا للشك أنهم القادة البارعون في حرب عدوهم العابر للقارات الذي يقصف المدن بلا رصاص وبلا رحمة، فاستطاعوا بتوفيق من الله التصدي له ووقف انتشاره مقدمين أرواحهم قبل فترات راحتهم.
تركوا العالم يتفرج ويحصي ويخاف ويأمل وتفرغوا هم للميدان حتى وهم يشاهدون زملاء لهم يتساقطون مصابين!!
حتى وهم يتركون خلفهم أسر وأحبة يخافون عليهم! حتى وهم على يقين أنهم عرضة للعدوى!
حتى وهم يبصرون مشاهد الخوف والألم في عيون مرضاهم فتتقطع لها نياط قلوبهم!
حتى وهم يدركون أن دخول المستشفيات بوضعها الحالي لا يقل خطورة عن أرض معركة القصف فيها عشوائي، فلا يزيدهم ذلك إلا إصرارًا وعزيمة على مواصلة حربهم ليتحرر العالم بأسره من هجوم فايروس كورونا وتنعم البشرية جمعاء بالصحة والعافية..
الجيش الأبيض أبطال الصحة واجب علينا الاحتفاء بكم وحقٌ لكم أن نقدر تضحياتكم دمتم لآلئ تزهو بها تيجان الفخر والاعتزاز.