كم هو جميل أن ترى أُناساً سخرهم الله لإحياء ذكرى عزيزٍ رحل، فتراهم يعملون ليل نهار من أجل أن يبروا بمن كان لهم في يومٍ من الأيام أخاً عزيزاَ أو أباً حانياَ أو صديقاً مخلصاً، فتراهم بين فترة وأخرى يحيون قطرات من مآثره أو ينشرون عبير كتاباته، أو ينتجون فيلما يحكي حياته أو يؤلفون كتاباً يسطرون سيرته . فرحم الله رجلاً غرس غرساً ثم رحل ، فالبرغم من مرورو أربعة أشهر على رحيل عراب التطوع نجيب الزامل، إلا أن حروف اسمه وظلال جسده لازالت تشع في حياتنا .
ولم نستغرب أن تتقدم مبادرة قائد نهضة المنطقة الشرقية الامير سعود بن نايف حين خلد اسم النجيب على تراب الوطن، فوجه بتسمية أحد شواع مدينة الدمام باسم " شارع نجيب الزامل " ليبقى اسمه خالدا على هذه الارض التي عشق ترابها، ثم توالت بعد ذلك عدة مبادرات، وكان منها بادرة جميلة من قناة روتانا الخليجة التي صدحت بسيرته العطرة قبل أيام فاستضافة أقرب المقربين لعراب التطوع عبر برنامج "الراحل" ، يحكون حياته وسيرته، وأيضا من روائع مبادرات محبيه – رحمه الله - ما يتداوله المغردون عبر موقع التواصل الاجتماعي "توتير" من مقاطع نيرة وكتابات خيره ، مستذكرين فضائله وأعماله، وكان أبرزهم مدير المكتب الخاص لسمو ولي العهد معالي الأستاذ بدر العساكر حين كتب " أول رمضان بلا #نجيب_الزامل رحمه الله، أراه أحد الذين يتقنون نشر الأمل، حديثه وكلماته كانت رحلة في القلب والعقل، خلاصة ما أقول أنه عطاء وقصة خُلق لن تُتنسى".
أما ما يسر محبي النجيب، فقد كانت حين إعلان الأستاذ جمال الزامل تدشين مبادرة نجيب الزامل المجتمعية، والذي تفاعل معها الكثيرون من محبي هذا الكريم. ولا نستغرب ذلك فمن تشرف بالعمل معه أو مقابلته، يدرك تماما أسباب القبول الذي حظي به، وأقلها تواضعه الجم وحبه للكل وحرصه للخير وحسن عمله .
من جالس المربي نجيب تعلم منه الخلق الحكيم ، ولعلي أسرد هنا بعضا من قيمه التي رأيناها منه .
أولها : الابتسامة وطلاقة الوجه ، وهي التي سحرت القلوب وبثت الايجابية في نفوس من يقابلهم ، فتجعل من راه يتمنى رؤيته ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل " تبسمك في وجه أخيك صدقة " .
ثانيا : التواضع ، فتواضعه الجم مع الجميع ودون استثناء بالرغم من اسمه اللامع وشهرته الواسعة لدى كبار الشخصيات ، ومعرفته لدى صناع القرار ، ومع ذلك لم نسمع منه أن تفاخر بمناصبه أو علاقاته أو شهاداته أو حتى قال لمن دعاه للمشاركة "اتصل على سكرتيري ونسق معاه "، وهو بذلك يستشعر حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم "وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله "
وثالثها : الوفاء بالوعد ، فكان اذا وعد أوفى ، فما من دعوة تأتيه فيؤكد حضوره للداعي ، إلا وتجده أول الحاضرين ، حتى وإن كان مريضا ( لا يغيب إلا بعذر ) فكم مرة شاهدناه في أحد المحافل يحاضر وهو مرهق أو مريض ، يأبى أن يعتذر تقديرا للوعد الذي قطعه على نفسه.
رابع قيمه : سماحة النَفْس ، وهي أعظم القيم التي رأيناها منه ، فالنفوس تميل للشخص السَمح، الهيِّن، الليِّن، ذو الروح المنبسطة الطيّبة ، التي تحبب الناس فيه فيُشعِر من حوله بأن الحياة أكثر رحابةً واتساعًا وسهولة.
خامسا : التغاضي عن المساوء ، فكان حسن المصاحبة لأصدقائه ولمن يصادقهم ويقابلهم ويخالطهم وكذلك لمن لا يعرفهم ، فكان متغاضيًا عن كل من يخطئ في حقه ولا يتشدد في الأمور، ولا يعظِّم الصغائر، ويتجاهل من يسيء له ، وظهر ذلك جليا من خلال ردوده على منتقديه في تويتر .
سادسا : حب الوطن ، فقد كان قدوة في حبه لوطنه وحرصه على مجتمعه مُعددا لأبناءه فضائل الوطن ومُشيدا بما نحن عليه من أمن وأمان ونعم مغدقة ، وأن الانتساب لهذا الوطن شرف .
سابعا : حسن النية وسلامة الصدر : فلا شيء يصفي القلوب ويجمل النفوس ويحسن الاسلوب إلا أن يكون قلبُك نقيا صافيا من الحقد والغل والكره ، فالنية الحسنة تجاه الناس مصدر لسعادتك.
أختم مقالي برسالته التي سطرها #نجيب_الزامل قبل رحيله بخمسة أيام (رحيل الأحباب يترك في القلب جرحاً عميقاً ، ومتى اندمل يبقى أثراً غائراً ، كما يترك بالوجدانِ ذكرياتٍ لا تؤخذ . يرحم الله الراحلين من أحبابنا) انتهى.
رسالة حزين : رحلت يا نجيب ولازال في القلب صرخةُ ونحيب .
التعليقات 1
1 pings
ضامية
08/10/2021 في 2:48 م[3] رابط التعليق
نفع الله بك
(0)
(0)