العقل تاج الحواس كلّها، وقدْ نراه الحاسة السادسة والحاسة الأم التي لا تُرى وتكتفي بأن ترعى بقية الحواس أجمع ..
فهو من يستشعر نوعية المواقف والكلمات، ويتنبّأ بالأخطار، ويتوقع الأجمل، ويقرّر ويأمر وينهى، هو محرّك الإنسان، وبوصلته التي توجّهه وترسم له خط سيره، وتعدّل من سلوكه وتهذب سماته..
والناس تختلف في درجة سلامة عقولها، هناك عقل راجح، وهناك خفيف، وآخر بينَ بين، ورابع غادر صاحبه بلا عودة فوقع فريسة للضياع..
وكلّ فرْد يسير وفق ما يُمليه عليه عقله فإمّا يَهديه وإما يُرديه ..
والعقل هو أعظم نعمة أنعمها الله على عباده لاسيّما حين يكون عقلًا سليمًا وناضجًا، ورغم أن العقول لاترى لكن ومن خلال مواقفك يرى الآخرون عقلك ماثلا في تصرفاتك..
ولك أن تتخيل أن العالم كله يشاهد عقلك !
هل تقبل أن تظهر لهم بعقلٍ مهترىء أو مهزوز أو هزيل؟!
أو تخدع نفسك و تتوارى خلف الأكاذيب من باب أني لا أكذب ولكني أتجمل، فتتصدر المجالس وتنشط في وسائل التواصل تتحدث بما تعرف وبما لا تعرف!!
أنت تعلم أنك تكذب وتعلم أنّ الجميع يعلم أنك تكذب، والأشدّ وطأة من ذلك حين ( تُعير ) عقلك لآخر وتعطّل مهمته عن التفكير والاستدلال والاستنباط والتحليل، وتكتفي بما يردّده الآخر فيما يشبه التبعية المطلقة فلا ترى إلا ما يَرى، وتأتي بما تعتقد أنه يمثلك وأنت لا تمتلكه أبدًا !!
وهناك من يُخفي عقله بما يعتقد أنه ذكاء ويعمل بشعار ( سيّد القوم المتغابي ) فلا يستخدمه إلا بمزاجه فهو يُظهر عكس ما يُبطن!!
وهذه الفئة خطيرة جدّا إذْ يمكنها أن تلعب أدوار مزدوجة ما بين الخير والشر، وهي بالفعل قادرة على إخفاء عقولها، فتكون الوقورة والرزينة إذا اقتضت مصالحها ذلك ثم ماتلبث أن تعودَ لسابق عهدها بالخفة (والاستهبال)!!
نحن بحاجة ماسّة لاحترام العقول، وعدم تسْطيحها أو وصْمها بالسفاهة حين تأتي بالمنطقي والعقلاني حتى وإن لم يتوافق وأمزجتنا، فكما ترغب أنت في احترام عقلك وتنادي بالوضوح كنْ أنت لها واحترمْ عقول الآخرين، ولا تُقْدم على مايضطر الناس أن تجعلك في خانة المغرورين أو المغفلين، ولا تسعى في محاولة منك لتطويع عقولهم فالعقل هبة من الله لا يُمنح من البشر.
احْتِرَامُ العُقُول
(0)(1)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://alraynews.net/articles/6511867.htm