لكل منا أمنيات تتوارى في دهاليز قلبه، يصحو من نومه يطلّ عليها، يدثرها بالدعوات أن تتحقق، ويغدو في طريقه يحملها والآمال تداعب خياله..
الأمنيات تختلف في عمقها ولكنها تبقى أُمنية حتى وإن كانت صغيرة، يلاحقها صاحبها وكأنما هي الحياة لقلبه، حتى إذا ما سارت به الأيام دون تحقيقها رآها ذاك الحلم الذي تسرب منه، وأطلق لخياله العنان يحادث نفسه ( لو عاد بي الزمان )
الزمان لن يعود أبدا، ونحن نسير معه ولن نعود أيضا، والأحداث هي الأخرى لن تعود، وإن عادت فقلّما تعود بما غادرت به، وإن تشابهت في ظاهرها ستختلف تفاصيلها ويخبو وهجها وسنرى حينها أمنياتنا ذكرى جميلة تمسح على قلوبنا ونطلق لها الآه ..
أحيانا الأمنيات الصغيرة تكبر معنا ونحن لا نشعر بها، تتهيأ لأن تكون ولكنها لا تتجسد واقعا إلا بمشيئة الله وتبقى تكبر وقد لا ترى النور أبدا فقد تجاوزنا الزمن وهي حبيسة الأرواح ..
بيننا من يلاحق أمنياته فلا يدعها، ولا يتخلى عنها وفيّ لها، هي أيضا تداعب خياله ليل نهار، تودّ لو تنفض عنه كسله، توشوش له في قلبه ( إلى متى ؟) فينهض ويركض نحوها وتأتيه فيلتقيان وقد اختلفت عما كانت عليه في سابق زمانه تأتي مختلفة في التفاصيل والشغف ..
وهناك من ينظر إلى أمنياته الصغيرة يجرّ أنفاسه، ويلتفت حوله عاجزا عن الإمساك بها، وهي تشعر بخنوعه فتتركه بلا عودة، ويطير بها الزمان ويبقى هو في مكانه ..
الأمنيات حلم قصير تستيقظ منه إما على واقع جميل، وإما على خيال خصب زرعت فيه أمنيتك ولم ترعها حق الرعاية واكتفيت بأن تقول (( لو عاد بي الزمان)) ولن يعود ..
الأمنيات الشخصية أقوى التصاقا بالروح، كأن تتمنى أن يعود بك الزمان وتنعم بحضن والديك وحنانهما، أو أن تتمنى لو أعدت النظر في علاقاتك المسمومة وتخففت منها، أو أن تنتهز فرصة ذهبية لاحت لك ولم تقتنصها، وغيرها من الأماني الواقعية وليست أحلام اليقظة ..
أما الأمنيات العامة رغم شموليتها وفوائدها إلا أن الكثير يحمل عنك عناء التفكير بها، والدعوات لتحقيقها ، كأن نتمنى نزول المطر، أو أن يسود الحب والسلام العالم بأسره، وغير ذلك مما يشاركك الآخرون فيه ..
أغمض عينيك واسترجع أمنياتك وأحلامك الفتيّة، واسأل نفسك هل يمكنك أن تعود لمحاولة الانطلاق نحوها مجددا؟
أم أنها ستبقى أمنيات فالزمان لا يعود كما كان، وتبقى الأمنيات أحلام.
كتبه: أ. جواهر محمد الخثلان