أدعوك اليوم عزيزي القارئ إلى احتضان فِكر طفلك من خلال القراءة له أو القراءة معه أو الاستماع لقراءته، مع تفعيل فهم واستيعاب المقروء، وأُركز الدعوة إلى القراءة لطفلك من ذوي الإعاقة، وأهمية ما تختاره له من قصص تناسب احتياجاته وقدراته؛ لعدم قدرته في بعض الأوقات على معرفة احتياجه القرائي والمهاري وفي أحيان أخرى يحتاج إلى أساليب تحفزه على الاستمرار بالقراءة باستيعاب مع محاورته عما يقرأه وتشجيعه على الربط بالأحداث من حوله. ونعني بفهم واستيعاب المقروء: أن يستطيع الطفل معرفة معاني الكلمات التي قرأها، ويستخلص المعنى العام للنص المقروء.
وفي باطن هذه الدعوة سوف نتفق جميعًا على أن القراءة للطفل وأخص بالذكر القراءة لطفل ذوي الإعاقة لها نتائج إيجابية تحفز على الاستمرارية للوصول بمستوى الطفل إلى المستوى الإبداعي ليبدأ بالكتابة والتعبير عن مشاعره أو قد يبدأ بكتابة ما يحصل معه من أحداث، وقد نحصر فوائد القراءة لطفلك في: تحسين القراءة لدى الطفل، وزيادة المفردات اللغوية لديه، وإكسابه المهارات الاجتماعية الجيدة، وتعزيز مهارة الحوار لديه، بجانب تنمية ذاكرته وتحسينها، مع عدم إغفال فائدة دورها في تعزيز مهارات الطفل الأكاديمية من قراءة للأحرف بأصواتها القصيرة والطويلة، والتنوين والعديد من المهارات الأكاديمية الأخرى.
وعندما نرغب بانطلاق أطفالنا في تعلم اللغة العربية، لابد من القراءة لهم ومعهم، والاستماع لقراءتهم، مع مراعاة التركيز على فهم الطفل لما يتم قراءته، لنقل الطفل إلى فهم الفكرة الرئيسية للنص المقروء، والبدء بالاستجابة لتساؤلاتك عن النص وعن إمكانية ربط ما يقرأه مع واقعه ويضع نهايات أخرى للقصة ويعيد سرد ما قرأه بتسلسل.
وعندما نضع العدسة على الطفل ذوي الإعاقة والقراءة له فنحن نخصه بالذكر؛ لتعدد احتياجات الطفل ذوي الإعاقة اللغوية والمهارية والاجتماعية والسلوكية والذهنية، أيضاً نجد هناك اختلاف في قدراتهم في تلك الجوانب المتعددة، وقد يحتاج إلى من يتلمس احتياجاته ويختار ما يناسبه من النصوص بل قد يحتاج أيضًا إلى من يبدأ معه بالتدريج مع تحفيزه على كل خطوة للارتقاء بمستواه القرائي والاستيعابي، لأننا لا نريد أن نضع الطفل في مرحلة يشعر بها بالإحباط أو الضعف أبداً، وننتبه إلى أهمية التدرج مع الطفل للوصول إلى ما ترجوه من طفلك، وعندما تضع في مخيلتك هدف ذو سقف توقع عالي فإنك لن تبدأ مباشرةً لتحقيقه من أول محاولة وقد تتسبب في إحباط الطفل ونفسك، بل لابد من التدرج بذلك مراعيًا قدرات الطفل وتشجيع تقدمه، وإشراكه في تقييم نفسه أثناء الجلسة القرائية، لملاحظة تقدمه بعد كل جلسة قرائية.
وعندما تتساءل كيف تقرأ لطفلك؟ في البداية لابد من اختيار النص المناسب من خلال مراعاة لغة الطفل، ومراعاة مرحلته العمرية، ووضوح الهدف من القراءة، بعد ذلك عليك اتباع استراتيجيات الفهم القرائي، قبل القراءة مع الطفل: ترشده إلى قراءة العنوان ووضع توقعات أولية عن ماذا تحتويه القصة، أيضًأ تدعوه إلى النظر إلى صورة الغلاف وتطلب منه وضع توقعات للشخصيات بداخل القصة، وفي أثناء القراءة عندما يجد صعوبة في قراءة الكلمة فدربه على تقسيم الكلمة إلى مقاطع وتهجئتها، واطلب منه تكرار المحاولة حتى يقرأها بشكل صحيح، مع تجنب تكرار كلمة خطأ بل أدعوك إلى عدم استخدامها مع الطفل واستبدلها بعبارة: (حاول مرة أخرى)، أيضًا يمكنك وضع دفتر للقراءة يكتب به الطفل الكلمات التي يصعب عليه قراءتها، وبإمكانه مراجعتها مرة أخرى والبحث عن معانيها، وبعد الانتهاء من القراءة ابدأ بتساؤلاتك عن القصة لتحفيزه على التفكير والتنبؤ. مع العمل على أهمية تدريبه على وضوح صوته أثناء القراءة وطلاقته وقيامه بتمثيل معنى ما يقرأه.
أرى أنه من الرائع أن يتخلل يوم طفلك ذوي الإعاقة بعض الساعات المخصصة لفقرة قراءة القصص، مع ضرورة التحفيز والتشجيع وتخطي ما قد يتم مواجهته من تحديات، واذا لزم الأمر يمكنك إثارة دافعية طفلك للقراءة من خلال العقود السلوكية التي قد تحتاج إلى استخدامها بالبداية لتجاوز تحدي عدم رغبته وما إن يتحول الأمر إلى عادة جميلة للطفل يمكننا أن نقلل من استخدام هذه العقود أو حتى الاستغناء عنها، والاكتفاء بالتشجيع والتعزيز للاستمرارية؛ لأنه بقراءة القصص لطفلك أنت لا تعمل على جانب واحد فقط بل تراعي تنمية جميع مهارات الطفل.
فاطمة سعد مسلط السبيعي
@fatimah056