إنه مؤلم فعلاً..
أشعر بك..
لا تحزن ....
أظن أن مثل هذه الكلمات قد لا تزيل .. الحزن إذا ضرب بجذوره في أعماق النفس نحتاج إلى الكثير من الإحتواء والقوة والوقت ليتلاشى..
لكن.. لنضع ألمك "جانباً " لبعض الوقت..
والآن ... أعرني سمعك، أعطني يدك وتعال معي لنسبر بعض الأغوار العميقة لعل شيئا ما بداخلك يتغير إلى الأفضل.
في الواقع لا يمكن لنا أن ننكر أو نلغي حقيقة أن بعض الأحداث قد تكون أقوى من إرادة صاحبها، وأن الحزن لا يمكن نسيانه بهذه السرعة.. ولا يمكن لنا أن نحمِّل الإنسان المسؤولية الكاملة عن عدم شعوره بالسعادة لأنه لا يعيش بمعزل عن الحياة وتقلبات أحوالها التي يمكن تؤثر في أي إنسان.
في المقابل، لا يمكن لنا أن نلقي باللوم كله على الظروف والمعطيات وحدها، فطريقة تفكير الإنسان في كثير من الأحيان تعطي بعض الأمور أكبر من حجمها، تتجنب الإعتراف بمسؤوليتها لأنها ألِفت تعليق الأخطاء على شماعات الآخرين والظروف، ألِفَت دور الضحية! ثم لا يجب أن ننسى أن الإنسان لابد أن يتحلى برباطة الجأش في بعض المواقف الصعبة حتى لو كان قويم التفكير قد بذل كل أسباب السعادة الممكنة.
ولهذا، علينا أن نتفق على حقيقة في غاية الأهمية: لسنا مطالبين بالتحكم في النتائج، كما أننا نعيش في حياة قد جعل الله تعالى لها قوانين تسيرها وليس لنا أن نخرج عن إطارها، كقانون القضاء والقدر مثلا.. إنما نحن مطالبون بما هو في أيدينا، بالأسباب البشرية. وإذا ما أردنا السعادة حقا، علينا أن نوازن بين محورين أساسيَّين: محور بذل الأسباب البشرية، ومحور الرضا بالابتلاء.
هنا من المؤكد أنك تتساءل كما أتساءل: أي أسباب يمكن أن أبذلها للشعور بالسعادة؟ أليست السعادة شعورا يأتي من الخارج؟
هل تتخيل معي أن السعادة قد أتت وطرقت بابك لكن وجدته موصداً؟ هل تتخيل معي أن السعادة مثلا موجودة في مكان ما تنتظر قدومك إليها بينما أنت قابع في مكانك البعيد تنتظر قدومها إليك؟ أليس من التفكير السليم أن نقول بأن الإنسان هو المطالب بالحركة؟ وأنه متى ما تحرك بما يستطيع فاضت عليه العطايا الربانية بإختلاف تجلياتها؟
السعادة يمكن أن أجدها أو تجدها في أبسط أمورك وأدق تفاصيل حياتك يمكن أن تجدها في كوب قهوة عندما تعانق رائحتها زخات المطر، أو ربما إبتسامة طفلا ترسم على محياه ثم تمسح على رأسه وتلاعبه،بريق عينيه وأحتضانه لك سيعطيك جرعات عظيمة من السعادة، لن تنساها ما حييت!
اللطائف الربانية الغامرة قد تأتي من مناجاتك مع الله تعالى، تخلع فيها كل أقنعتك، تحدثه فيها بلسانك البسيط المتلعثم الذي قد لا يجيد رصف الكلمات ببلاغة، تخبره فيها عن أعمق وأدق ما تشعر به ، تلك هي حقاُ السعادة الحقيقة .
السعادة قرار تتخذه وليست أمنية تكتفي بترديدها، قرار تتخذه فتتحرك لتنفيذه، وتنفيذه قد يكون بخطوات بسيطة لا تعيرها إعتباراً، لكن أثرها سيكون فارقا في نفسيتك.
بقلم ✍🏻 أ. حنان بنت جمعان الغامدي