تطبيق العمليَّة التعليميَّة المستمرَّة طَوال العام بفصول دراسيَّة ثلاثة
طموحُنا لا يتوقَّف عند مُسايَرة الدُّوَل .. إنما نسعى أن نَقُودَها
قُضِيَ عامٌ دراسيّ وعليه ينبغي النَّظرُ إلى مُخرَجات هذا النِّظام، والتعرُّفُ على كلِّ الصُّعوباتِ والتحديات، وإبرازُ المنتَجات والنَّجاحَات التي حقَّقَها النظامُ في الميدان التعليميّ طَوالَ العام.
وطنُنا غالٍ يستحقُّ البذلَ والعطاءَ والوفاءَ والتفاني، شعارُنا: "اقتصادٌ مزدهرٌ .. مجتمعٌ حيويّ .. وطنٌ طَمُوح"، ولن يتحقَّق ذلك إلا بالعملِ الدَّؤُوب، وترجمةِ ذلك على أرْضِ الواقع. أليس لنا الحق ُّ المطلَقُ أنْ نستفيدَ من مُختلفِ التَّجارِب، ونلتفتَ إلى جميع الفُرص المتاحة والممكِنة؟! أليس لنا الحقُّ أنْ نواكبَ أقوى الدُّوَل؟!.. نحن لا نبتغي أن نقوم بمسايَرةِ الأنظمةِ التعليميَّة، إنما التفاعُل مع تلك الأنظمة، وأنْ نكونَ شركاءَ في نجاحِها؛ فنحنُ نَعِيشُ في عصرٍ مُتسارعٍ، ونُوَاجِهُ تحدياتٍ عديدةً؛ لذا يتحتَّم علينا الاستفادةُ القصوى مِنَ العقولِ البشريَّةِ واستثمارُها بما ينفع، لا أنْ نُسْلِمَها لإجازةٍ طويلةٍ تمتدُّ إلى أربعةِ أشهُرٍ كفيلةٍ بأنْ تقتلَها في مَهْدِها نتيجةَ عدمِ تفعيلِها وتوجيهِها نَحْوَ المسْلَكِ الإيجابيّ.
ولا يخفي علينا أنَّنَا من المجتمعات التي لا تستهوي التغيير، وترفضُه بأشكالٍ عدَّة، ومنها السخريةُ أو الرَّفضُ القاطعُ عَبْرَ شبكاتِ التَّواصُل الاجتماعيّ التي تحظي بقَدْرٍ كبيرٍ من التأثير السلبيِّ على المجتمع؛ إذ أصبحَتْ هذه الشبكاتُ منظومةً مجتمعيَّةً كاملةً يستخدمُها أفرادُ الشَّعْبِ كافةً؛ مما يُسهِّل تمريرَ الشَّائعاتِ وتداوُلَها بسرعةٍ عجيبةٍ ووصولَها إلى عقولِ الجميع ومِن بينهم الأطفال.
ومن هنا لا بد للمنظومة التعليميَّة من إعادة النظر في كيفيات تغيُّر النظرة السلبيَّة، وذلك ممكنٌ من خلال إيضاحِ الفَكْر الجديد، وإيصالِ أفكارِ المؤسَّسةِ التعليميَّةِ وأهدافِها، مع أهميَّة وَضْع حدودٍ وقيود سعيًا إلى تحقيقِ الانضباط المدرسي؛ منها المصداقيّةُ في تسجيلِ الغياب.. ولعلنا فقَدْنا ذلك في الآونة الأخيرة من العام؛ لذا وجَبَ اتّخاذُ موقفٍ حاسمٍ في مواجهة هذا الغياب، ووَضْعُ عقوباتٍ لا تراجُعَ فيها، وإصلاحُ ما أمكن من فِكْرٍ وأنظمة، ولا بُدَّ أنْ يَعِيَ المجتمعُ أنّ هناك كثيرًا من التنظيمات والقرارات لا تخضع لإعادة النظر فيها من قِبل أفرادِه؛ إذِ المنفعةُ كلّ المنفعة في تقبُّلها وعدم تداوُل ما يرفضها ويمنعها.
ولنجاح تطبيق العمليَّة التعليميَّة المستمرَّة طَوال العام بالفُصُول الدراسيَّة الثَّلاثة كان لزامًا الأخذُ بعين الاعتبار بعضَ الاعتبارات المهمَّة؛ منها: الحاجة الماسَّة إلى استطلاع رأي المجتمع، والقيام بعددٍ من الدِّراسَات؛ للتعرُّف على التحديات والصُّعوبات، ومحاولة تذليلِها من خلال وَضْع أنظمة تُسهم في إعاقة هذه الصُّعوبات من التفشِّي والتعدِّي على الأنظمة، وعدم تَرْك المجال للأفراد للحكم على فَشَلِهَا.
لعلِّي في هذا المقال أُبرز لكم عددًا من المميزات التي شهدَهَا الميدانُ لهذا العام الدّراسي (١٤٤٤هـ)؛ إذ يهدف قرارُ تحوُّلِ العام الدّراسي إلى ثلاثة فُصُول دراسيَّة (الذي جاء نتيجةَ دراساتٍ متأنيةٍ ومقارناتٍ مرجعيَّةٍ عالميَّةٍ) إلى: الرَّفْع من مستوى تحصيل الطلاب ليُصبحوا منافسِينَ لأقرانهم في الدُّوَل المتقدِّمة، والرَّفْع من جودة مُخرَجات التعليم، وتحديث الخُطَّة الدراسيَّة باستمرار لتلحقَ المملكةُ العربيَّةُ السعوديَّةُ بالتجارِب الدوليَّة المحلِّقة في هذا المجال؛ ولنأخُذْ على سبيلِ المثال: اليابان، والبرتغال، وبريطانيا، والإمارات العربيّة المتّحدة؛ فهذه الدُّوَل يقوم نظامُها التعليميّ على الفُصُول الثَّلاثة. هذا، ويساعدُ نظام الفُصُول الثَّلاثة في مواءمة عدد أيام الدِّراسة للمملكة في السَّنَة مع نظرائها في مجموعة العشرين ومنظمة التّعاون الاقتصاديّ والتنمية، وزيادة المساهمة للتَّعليم الأساسيّ في رَفْع كفاءة نظام التعليم السعوديّ، وزيادة المرونة والتكيُّف مع احتياجاتِ النِّظامِ التعليميّ الجديد ومناهجه.
وتكمن مميزات الفُصُول الدراسيَّة الثَّلاثة في التركيز على الموادّ الأساسيَّة ومهارات القرن الحادي والعشرين والمهارات النَّاعِمة لسوقِ العمل، ومحاولة تقليل الفاقد التعليميّ الذي انعكسَ على نتائج الاختبارات الدوليَّة كما كشفت عن ذلك كثيرٌ من الدِّراسات العلميَّة؛ إذ إنّ هذا العام (١٤٤٤هـ) شهدَ ارتفاعًا في نتائج الطُّلَّاب بالاختبارات الدوليَّة، ولعلّ ذلك يُعزَى إلى استحداث النِّظام التعليميّ، والتركيز على مستهدفات تحقيق رؤية المملكة ٢٠٣٠.
لذا نهيب بوزارة التَّعليم أنْ تسعى إلى تهيئة وتجهيز الصَّرْح التعليميّ للسنوات القادمة بما يتناسب مع نظام الفُصُول الدراسيَّة الثَّلاثة، وإتاحة الفُرصة للباحثين للقيام بدراساتٍ ومسحٍ للمَيْدان للتعرُّف على المميزات والاستفادة منها، والوقوف على الصُّعوبات والتحديات ومواجهتها، وإيجاد الحلول الممكنة للرُّقِيّ بالعمليَّة التعليميَّة وأنظمتها الجديدة.
بقلم✍🏻: هند بنت محمد القحطاني