الشام كلمة سريانية تعود إلى سام بن نوح الذي استوطن تلك البلاد بعد الطوفان. هذه الأرض تشمل اليوم سوريا (الأصل سيريا أي بلد السريان) و لبنان و فلسطين و الأردن. حكم الساميون الشام منذ عهد نوح إلى اليوم، و عرف عنهم شدة البأس في القتال و حب السفر و سرعة التعلم. و ظلت لغتهم السريانية -بفضل الآراميون و الفينيقيون- اللغة العالمية (أي كالإنكليزية اليوم) سبعة عشرة قرون من القرن السابع قبل الميلاد إلى القرن السابع الميلادي، و لا يعرف أية لغة أخرى دامت كل ذاك العهد. و اخترعوا لها أبجدية أصبحت أساس أبجديات العالم كله. و قد عرف عن أهل الشام تمسكهم الشديد بلغتهم السريانية حتى إذا جاء الإسلام رحبوا به بشدة و ساعدوا العرب ضد الروم، ثم أنهم تحولوا جميعاً إلى الإسلام في سنين قليلة و استبدلوا لغتهم السريانية بالغة العربية فسادت اللغة العربية على سائر اللغات الأخرى لعدة قرون. و من المشهور في التاريخ ما كان من الاستقبال الحافل الذي استقبل به أهلُ الشام عمرَ لذلك وجد الإسلام بيئة خصبة في تلك المناطق خاصة بالشام حيث بلغت العصبية الإسلامية تحت حكم بني أمية ذروتها.
و لم يمض 26 سنة على فتح دمشق حتى أصبحت عاصمة للخلافة الإسلامية. و كان أهل الشام أشجع الناس في القتال و من حاز على ولائهم فاز فكانوا سبب سيادة بني أمية فذلك سبب قول علي (رضي الله عنه) لشيعته من الفرس و أهل العراق: "من فاز بكم فاز بالسهم الأخيب" و قوله: "و الله! لوددت لو أني أقدر أن أصرفكم صرف الدينار بالدراهم عشرة منكم برجل من أهل الشام! ". و لم ينجو بلد من الفتن التي تلت مقتل عثمان إلا الشام فكان ذلك قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " ألا و إٍ,ن الإيمان حين تقع الفتن بالشام". على أنه لمّا مات يزيد و رفض ابنه معاوية الثاني أن يستلم الحكم بايعت البلدان عبد الله بن الزبير (رضي الله عنه) حتى إذا مات معاوية و أتى من بعده مروان بن الحكم لم يبقى من البلدان أحد لم يبايع ابن الزبير (رضي الله عنه) إلا جزءً من الشام فالتقى جيش الشام مع جيش يفوقه أضعافاً مضاعفة قرب دمشق فانتصر أهل الشام و لم تمض إلا سنين قليلة حتى حكموا سائر الأقطار الإسلامية. ثم قاموا بالفتوحات العظيمة و امتدت دولتهم من غرب الصين إلى أواسط فرنسا (أي أكبر دولة شهدها التاريخ حتى ذلك الوقت) دون أن تضعف سيطرة الخلافة في دمشق على الأطراف و ظل الإسلام نقياً من الحركات الراغبة في تحريفه على أنه ما إن انهارت الدولة الأموية و بدأت الدولة العباسية حتى عادت العصبية الشعوبية و اشتدت و كثرت الحركات الهدامة كالزنادقة و الشعوبية و الرافضية …إلخ، و ضعفت الدولة و أخذت تتفتت حتى في زمن الخلفاء الأقوياء كالرشيد.
و قد خرج من الشام الكثير من الفقهاء و المحدثين الكبار أمثال عمر بن عبد العزيز, و الإمام النووي, و شيخ الإسلام ابن تيميّة, و العلامة ابن كثير, و كثيرٌ من أمثالهم. كما قد وعد الله - تعالى -و وعده الحق بأن طائفة من تلك الأمة باقية على الحق منتصرة في دمشق و القدس حتى مجيء الساعة و يسمون بالأبدال كلما مات منهم أحدٌ أبدله الله بآخر. و أخبرنا المصطفى (- عليه الصلاة والسلام -) أن الخلافة ستعود إلى دمشق و سيحكم المهدي (محمد بن عبد الله) منها و يقود العرب للنصر على الروم في حرب ضروس عظيمة تسمى الملحمة الكبرى لم يشهد التاريخ مثلها أبداً. ثم ينزل المسيح (عليه السلام) على المنارة البيضاء شرقي دمشق فيكسر الصليب و يقتل المسيح الدجال (أي مهدي الروافض) و يدعو للإسلام فيؤمن له من في الأرض جميعاً. و لولا فضل الشام في الإسلام لما خصها الله بكل هذا.
وللحديث بقية مع طوفان الأقصى والأرض المباركة
والحمدالله رب العالمين
كتبه / الباحث في الشؤون الاسلامية والقانونية والإجتماعية
حمود سعيد الحارثي
واتس آب0504743110