لو أُُلقيت هذه العبارة على مسمعك فماذا يمكن أن تفكر به؟
هل هذا تساؤل يمنعك من المشاركة بقلبك او حواسك او حتى لسانك قطعيا ؟
أم هل هي دعوة معاتبة رقيقة للمشاركة أيًّا كان نوعها، إما بالرأي، أو بالوجدان، أو حتى بالتوافق مع مالا تتفق معه؟
أم هي سخرية من حياديتك التي يُنظر إليها وكأنها سلبية منك أن تقف في المنتصف وعلى مسافة واحدة من الجميع المخطئ منهم والمصيب .
أم هي شك وريبة في نواياك و مقاصدك وتأكيد علني على غموضك؟
لِمَ لا يرون أنك ذكي بما يجعلك مراقب لكل ما يدور حولك دون أن تخسر شيئا من احترامك لنفسك واحترام الغير لك؟
حين تراقب من بعيد ترصد الملاحظات الدقيقة التي يغفل عنها الناس، تمرر أخطاء وتجاوزات لدوام المحبة، تتجاهل مواقف تافهة، تتوقف أمام مشهد إنساني، تنضوي تحت لواء المتخاذلين أحيانا إما رأفة بهم أو كسبا لراحتك النفسية..
المراقبة من بعيد سلوك إنساني طبيعي حين يكون للحياد إيجابياته ومكاسبه، فأنت إنسان ستكون كل هذا وغيره مما يتفق معك أو ويختلف عنك، لن تخرج من هذا الإطار، فهذا المألوف وما غيره طفرة لا تحدث إلا نادرا، ولكن ما يجب أن تدركه أن المراقبة من بعيد وعدم الخوض في كل شي يجب ألا تصبغك دائما
باللا إحساس أو اللامبالاة! إذ لابد أن يكون لك موقفا واضحا جليًّا من كل ما يُحيط بك دون مواربة أو تردد، وبما يحفظ للآخرين حقوقهم وتقديرك لهم، يجب أن لا تخلو مراقبتك من بعيد من ( مروءة ) حين يتطلب الأمر، كتدخل سريع لترميم صدع في علاقة أسرية، أو إطفاء جذوة نار حرب بين زوجين، أو أخوة، أو أصدقاء،
أصغِ جيدا لما تحدثك به نفسك حين تستنهض فيك مروءتك وأخلاقك، وبادر لإصلاح ما يمكنك إصلاحه، ولا تراقب من بعيد وكأنك غريب يعبر به القطار محطات الحياة بلا أثر حسن!
لا تراقب من بعيد وأنت ترى عزيزا عليك تهوي به أفكاره في غياهب الضلال ويتجه نحو الانحراف الديني أو السلوكي أو الأخلاقي!
لا تراقب من بعيد وتتخلى عن نفسك وهي تبتعد بك عن محيطك وأحبتك، تتقرب للبعيد وتتجاهل القريب لك! لا تراقب من بعيد وأنت ترى الوقت يتسلّل من بين وعيك وبين غفلتك دون استثمار له وتطويعه وقطعه بالفائدة قبل أن يقطعك!
لا تراقب من بعيد ومن حولك يسير بل يطير نحو أهدافه وقد حددها مُسبقا وأنت تتكئ على جادة الكسل والتسويف فالأيام تسير بسرعة دون أن تشعر.
كتبه/ الأستاذة جواهر محمد الخثلان