أين تجد نفسك؟ هل تراها هنا؟ حيث الجمال الذي يشبه الخيال في تفرده وروعته؟ أم تجد نفسك في عالم يكتم أنفاسك حد الاختناق، عالم حالك السواد لا بصيص أمل ولا ضوء آخر النفق؟
انتماؤك لأي من هذين الخيارين يصنع شخصيتك ويبلور طريقتك في تسيير دفة حياتك..
في محيطنا الصغير تتقاذفنا الأهواء والميول، هناك من يلبي احتياجات روحه وقلبه دون وعي، وهناك من يميل وينتقي لروحه الأجمل، هي انتماءات بلا شك ونادر أن يكون بينها وسطية، فإما أن تكون هناك حيث الروعة والدهشة والبياض، أو أن تكون في الخانة الأخرى المناقضة لها فلا رمادية بينهما..
هناك من لا ينتمي إلى عالم الزيف، والخداع، والمكر فنفسه تأبى الدناءة، و لا ينتمي إلى التمرد والقفز لتمييع الهوية بحجة التطور، لا ينتمي إلى المتشدقين بالمدنية الزائفة بل أنه لا ينتمي إلى المستترين خلف معسول الكلام وقلوبهم خواء من الصدق والشفافية والوضوح !
هو لا يرغب أن يكون في محيط تتقاذفه فيه أمواج عاتية من الترهات والتفاهات فينسلخ معها من إنسانيته، وقيمه، ومشاعره، وقدرته على الانتقاء..
بل إنه ينتمي إلى تلك المشاعر الفياضة بالحب للجميع دون عنصرية مقيتة أو تمييز، فيض مشاعره متدفق للصغير والكبير، والغريب والقريب..
ينتمي لذلك الوطن الكبير يتفيأ ظلاله، يفخر به، ويتغنى بأمجاده وعراقته..
ينتمي لتلك الأسرة الصغيرة التي يتفانى أفرادها في الإيثار، والتضحية، والتنازل من أجل دوام الحب وتوثيق أواصر العلاقة الأسرية..
ينتمي إلى مدن تسمى قلوب الأصدقاء الأنقياء يتفقدهم، يشاركهم، يفرح لهم، ويبكي لآلامهم..
ينتمي إلى قيم إنسانية تجبره على أن يتجرد من القسوة والتعالي والتكبر..
ينتمي إلى الإيجابية فأينما حلّ نفع، وقدّم، وآثر، وأنكر ذاته حبا وتقديرا للآخرين..
الانتماء خيار لك وليس فرضا عليك، فإما أن تنتمي إلى أسراب تلك الطيور البيضاء المهاجرة التي تحط على خمائل الروعة والجمال، وإما أن تنزوي خلف ستائر مهترئة من الخبث واللؤم فأين تجد نفسك؟
كتبه/ جواهر محمد الخثلان