عندما أطلقت وزارة التعليم البرنامج الوطني الوقائي للطلاب والطالبات "فطن"، ظهر جلياً التغير الإيجابي الذي يطمح له المسؤولون في المملكة، من خلال تفاعل الميدان التربوي مع هذا البرنامج المتميز الذي نحن بأمس الحاجة إليه، خاصة مع ظهور حالات الانحراف الفكري الذي غزا الوطن، ورمى بشباكه على المغفلين من شبابنا وفتياتنا، وقد أدرك أعداء الوطن أن قوة المجتمع في شبابه، فوجهوا سهامهم المسمومة لنحر أبنائه عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، يدفعهم حقدهم على الوطن والمواطن، فأصبحت الحاجة ملحّة لبرنامج "فطن" مع نشاط تيارات الغلو والانحراف، فسلامة فكر الإنسان وسلوكه من الانحراف ضرورة شرعية ووطنية واجتماعية، فقد جاء الإسلام ليحفظ على الناس الضرورات الخمس وهي حرمة الدين والنفس والعقل والعرض والمال.
وقيام وزارة التعليم بواجبها لمواجهة التطرف الفكري والانحراف السلوكي أمر يسُرُّ المخلص المحب لوطنه، لأن هذا البرنامج نور يعترض الجنوح، ويثبّت الوسطية والاعتدال، والانضباط الفكري السلوكي، وقد سرني عندما اطلعت على الخطة التنفيذية للبرنامج والتي رأينا ثمارها يانعة من حين أن دُشن البرنامج وانطلقت خطاه، فمن برامج تدريبية للخبراء، ثم للمدربين المعتمدين والميسرين، ثم لجميع العاملين في الميدان التربوي، بالإضافة إلى البرامج والفعاليات الوقائية التي تساهم في علاج الانحراف الفكري والسلوكي، لأنه إذا وقع الخلل الفكري والسلوكي للفرد؛ تأثر المجتمع بتركيبته المتماسكة، فما الفرد إلا لبنة في بناء المجتمع، ولأهمية هذا البرنامج كان لزاماً أن تتفاعل معه جميع إدارات التعليم ومكاتبها والمدارس بمراحلها الثلاث، وأن تتقيد بخطة تنفيذه؛ ليحقق أهدافه ونرى أثره وثمرته،ولا يكفي جهد التعليم فحسب، بل لابد أن يأتي دور الأسرة مكملا لهذا الجهد والعضيد المساند، فدورهما صمام الأمان ضد أي غزو فكري يحرف الفكر والسلوك عن جادة الصواب، فتربية الابن وحفظ أمنه الفكري والسلوكي مسؤولية مشتركة يتقاسمها البيت والمدرسة والإعلام؛ لتجعل منه حصناً متيناً تتهاوى أمامه سهام الخلل والمزلق "الفكر السلوكي"، ويمتلك البصيرة النيرة، والفكر القويم.
سدّد الله الخطا، وبارك في الجهود، وحفظ للوطن أمنه وأمانه، وحفظ أبناءنا من كل سوء ومكروه.