ان المتأمل في حال المجتمع يرى العجب العُجاب من حيث عدم شكر النعمة وكأننا أمنا عقوبة كفرها، وسوف أسوِّق واقع نعيشه في المناسبات الاجتماعية من تبذير للمال وإسراف في الإنفاق ونذكر بعض الأسباب لعلها تجدي وتنفع ، ولكي نعرف اننا في خطر من زوال هذة النعمة وان التلميح لم يجدي وكل يقول الحمد لله اننا مقتصدين وغير مبذرين وعسى الله يعافينا مما ابتلاهم به غيرنا، غير مبالي بما يعمل او معترف انه مبذر .
ولو وقفنا ونظرنا الى الولائم سواء كانت زواج او احد المناسبات الاجتماعية الاخرى وكيف يتم التجهيز لها نجد بعض النقاط التي قد تفسر الوقوع في الاسراف والتبذير من حيث لا يعلمون .
حيث ان الدعوة تكون مفتوحة فمنذُ ان يُحدد موعد المناسبه والكل ( الاب والأم والأخ والأخت ) يعزمون القريب والبعيد والجار والزميل والصديق وغيرهم ممن تربطهم بهم علاقة او بدون علاقة دون ان يتأكدوا من حضورهم او عدمه.
يتم الاجتماع ليختاروا مكان إقامة المناسبة والكل يدلي برأيه ، فيجب ان تكون القاعة كبيرة وفخمة لأن العدد المتوقع كثير وغير معروف فتكون القاعة او الصالة كبيرة و غالية ، ثم ياتي تحديد الوليمة كم قعود او خروف ويجب ان تكون على شكل مفاطيح او البوفيه المفتوح وكذلك الحلويات وان يكون شكلها متناسب مع المقام ويجب استئجار الطاولات المناسبة لكي يظهر الشكل المناسب للتصوير والعرض وأصبحت وكأنها وجبة للعيون وليست للبطون دون النظر هل هذي النعمة سوف تُؤكل ام لا وهل هناك احد سوف يأخذ هذه النعمة مع ان في تلك الليلة الكثير من المناسبات ويتبعون نفس الأسلوب في التبذير .
اضف الى ذلك كيف يتم تجهيز العروسين في ليلة زفافهما وكذلك الاقارب من الاخوان والاخوات والامهات وشراء الملابس الغالية والتكاليف المبالغ فيها التي تدفع دون حساب والهدف المباهات وان ليس احد افضل من احد.
وهنا ظاهرة جديدة انتشرت وهي ان المعازيم الرجال ياتون ويهنئون اهل المناسبة ويقدمون الهدايا ثم يغادرون قبل وجبة العشاء وكذلك النساء ظاهرة عدم الاكل من الوجبات المقدمه بحجج واهيه وتافهه لا يليق المقام بذكرها .
وفي النهاية ياتي صاحب المناسبة وقد خسر الشي الكثير من المبالغ الطائلة ودخل في هم الديّن دون ان يتوقع هذه التكلفة وبذر بالطعام دون ان يُؤكل وعندما تناقشه يقول عزمنا ناس كثير وتعذروا قبل ساعة من المناسبة او حضروا وغادرو قبل الوجبة لأرتباطهم بمناسبات أخرى ويقول اني خفت اتفشل أن يأتي ناس ولا يجدون طعام ، متجاهل نظر الله له وهذا التبذير غير المبرر الذي لاتخلوا منه مناسبة الا من رحم الله ويُظهر امام الناس ان تصرفه صحيح ولا يستطيع احد يقوم بنصيحته او تذكيره ويكرر الحضور الكلمة المعهودة " الله يخلف عليكم " ونتجاهل ان العقوبة لن تحل به فقط لا سمح الله .
وهنا نطلب من اصحاب الولائم بعد تحديد موعد المناسبة ان يخاف من عقوبة الله وان لا يكونوا سبب بعدم شكرها وان يطلب رضا الله لتحل البركة في تلك المناسبة ولا يطلب رضا الناس بان يُشِِيدوا بمناسبته، ثم يجب ان يعرف من سيأتي لمناسبته ويقتصد في عدد المدعويين وان لا نجعل الهدف ان يقول الناس حضر عدد كذا وكذا وكانت المعونه المبلغ الفلاني وعدد الهدايا . وان لا يكلف على الناس للحضور من مدن أخرى بعيدة متجاهل خطر الطريق والحوادث لا سمح الله الذي قد يتعرضوا لها والكلفه عليهم . ثم ينظر هل هناك مناسبات اخرى في نفس الموعد . وان ينتبهوا من الكماليات التي يأتون بها ولاتؤكل فقط هي للعرض والتصوير الذي ابتلينا به .
وقد يقول قائل لماذا انت متشائم ؟
انا لست متشائم ولكن ما نراه في هذه الايام والاحداث التي من حولنا ولا ندري كيف اتجاهها والمصائب التي تحدث في المجتمع والامراض غير معروفة السبب ومع هذا كله إلا أن التبذير اصبح ظاهرة اعتاد الناس عليها وللأسف لا أحد ينكر عليهم وهي بمعنى آخر تأييد لهم وموافقة ، و كذلك سنن الله معروفه ولن تتبدل مهما اختلفت الزمان والمكان او الناس وأننا ليس لدينا ضمان من عقوبة الله قال تعالى (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً) (سورة الأحزاب 62)، وقال سبحانه ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ( سورة ابراهيم 7) .
وختاماً نقول اللهم ارزقنا شكر نعمك قولاً وعملا و اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ .
د ظافر عبيد القحطاني
التعليقات 1
1 pings
د. عبدالغفار عبد المحسن
05/08/2016 في 8:46 ص[3] رابط التعليق
أحسنت واصبت الحق اخونا العزيز. هذا حق وواقع وكان لايسمعون لنذير الدعاة وكأنهم لايرون أن ما يفعلون لا ينطوي الا تحت باب التبذير
نسأل الله العظيم الهداية والتبصر وحفظ النعمة
(0)
(0)