هناك حيث الألم في سوريا كل شيء يتحدث بلغة الصمت، فالعيون شاخصة على صورٍ تحملُ ما لا حدَّ له من الألم، والقلوبُ تخفقُ مضطربةَ من هولِ تلك المشاهد التي تُرسم بمدادِ الدمِ الذي سال في الطرقات، هناك حيث تناثرت أشلاء أطفال على جدران ملطخة بالدم، وتبعثرت في سماءٍ ظلت ملبدةً بغبارِ القصفِ والدمار.
والصورة الاخيرة التي خرجت لنا من تحت الركام لذلك الطفل الذي سال دمه على وجه الذي لا يحمل إلا البراءة، تحكي لنا حكاية بؤسنا في عالم ترك عمران ومثله الكثير من الأطفال، تحت ركام الظلم، يسأل سائل مغمور في غياهب الحياة ومن هو عمران؟!
عمران طفل سوري يلخص لنا مأساة العالم، ويحكي لنا حينما خرج من تحت الركام، واحدة من أشد القصص ألماً، بوجه مُخضب بالدماء وجسد عاري إلا من غبار الحرب والظلم والدمار.
إننا لو تأملنا الصورة المليئة بالأحزان، لوجدنا فيها في تلك العيون البرئية الكثير من الكلام، ماذا عساه أن يفعل؟! لقد ظل الطفل صامتاً وفي عيناه ألف كلمة بل ما لا حصر له من الكلام، ظل صامتا على ذلك المقعد يصرخ بصمته في وجه أدعياء الحرية وحقوق الإنسان أين أنتم؟! بنظراته وجه سهاماً إلى قلوب كل المتخاذلين، والأمل ألا تُبقي هذه السهام أحدا على قيد الحياة، فلا حياة لمن لا ضمير له، ولا حياة لمن رأى ومازال يرى عمران وغير عمران يموتون في اليوم ألف مرة ولا يحرك ساكناً.
الغريب العجيب في زمن تحول فيه الحق إلى باطل والباطل إلى حق وأصبح فيه الحليم حيراناً أن العالم بأسره عبر عن صدمته لصورة عمران، ولكن السؤال الحقيقي الذي لا بد له من إجابة، ماذا فعل العالم لعمران، الذي عاش كأطفال سوريا أكثر من خمس سنوات بين أمواج الحرب العاتية.
وفي الختام لكم أيها السادة أن تدركوا أن قصة عمران نقطة في بحر آلام سوريا الغالية، فكم من عمران لم يخرج من تحت الركام وظل يكابد الألم والمشقة إلا أن صعدت روحه إلى بارئها، كم من عمران قتل وذبح ولم تخرج صورته إلى العلن.
مهما خط القلم وعبرت المشاعر تبقى في القلب غصة، إننا نكذب على أنفسنا لو أننا قلنا ان هذه الكلمات قد تعبر عن حجم المأساة التي نعيشها في هذا العالم الذي تبدلت فيه القيم وتغيرت فيه الظروف لتخرج لنا مشهدا لاطفال يموتون في مساحات مختلفة من العالم ويستصرخون بلا مجيب.
نوره السعد
التعليقات 1
1 pings
أم ساره القاضي
24/08/2016 في 8:48 م[3] رابط التعليق
كلام جميل نورة السعد دئمآ مبببببببدعه ?
(0)
(0)