لدينا موروثات ثقافية واجتماعية تختلف من مجتمع لآخر وتتفق إلى حد ما في بعضها، ولا يثير هواجسي إلا ذلك الفهم الخاطئ للنصوص الشرعية! ليس هذا فحسب بل لأي مدى تتحمل الأعراف والتقاليد مسؤولية التحيزات الفقهية ضد المرأة؟
قوله تعالى (إن كيدكن عظيم)، هل يستشهد به على كيد النساء؟ يقول الشيخ المغامسي إنه لا يستشهد به لأن الذي أطلقه عزيز مصر وإن الله أورده في القرآن على لسانه ولم يعقب عليه.
تلك الآيات القرآنية التي أساء البعض فهمها ومن ثم أخطأ في الاستدلال بها، واستغلها الرجال وأصبحوا يرددونها مع الأسف الشديد ظنا منهم أن الكيد يختص بالنساء لضعفهن وعجزهن عن المواجهة، طبقات مستضعفة ضد الطبقات الأقوى، وتناسوا الكبرياء والعلو الواردان فيهم قبل المرأة، حيث ذكرا في مطلع سورة يوسف «قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا».
إن المعنى العام للكيد في اللغة هو الصنع والتدبير والاحتيال، كيد شرير ليس سببه عشق أو محبة بل هو كره وحسد وغيرة لم ينج منها الذئب واتهم بهتانا. فإذا كان كيدنا عظيما فكيد الرجال مخيف ودموي وضد الإنسانية.
في معجم مقاييس اللغة أطلق العرب على الكيد: المكر، الحرب والوسوسة، وبالتالي ليست حصرية لجنس النساء بخلاف النفس الأمارة بالسوء يحوزها الرجال والنساء، تلك التفسيرات الهاضمة لحقوق النساء ابتدعها البشر وللأسف، وتعميم المعنى السلبي الخاص للكيد على النساء خطأ شائع، فالرسول عليه الصلاة والسلام لم يستعذ من كيد النساء وإنما استعاذ بالله من قهر الرجال، والقهر والكيد متقاربان في المعنى فلا ضير إن لجأت المرأة للمداهنة أحيانا واتباع الأساليب المتاحة للحصول على ما تريد ليس إلا لقلة الحيلة، وليس الرجل ببعيد عن تلك الممارسات.
وقس على ذلك «ناقصات عقل ودين» استخدمت على غير وجهها الصحيح! فكل تعميم مطلق خاطئ، مصطلحات تواجهنا في حياتنا هي من صناعتنا تحتاج إلى تغيير، لم نواجهها بردة فعل فاستغلت أسوأ استغلال من جبروت الرجل وقسوته، فإذا كان كيد النساء عظيما فإن دهاء الرجل أعظم.