يتفرد الليل بطابعٍ خاص، يختلفُ عن النهار بكل تفاصيلة.
ففي عتمتهِ تخْفتُ، الأصوات ويتردد صدى الحزن في أرجاء قلبي بنبضاتٍ تختنق تحت وطأة الألم..
أن تبني الجسور وتضع الحدود معادلة صعبة لايستطيع الكثير أن يتقنها. أيضا أن تعيش بفكر سليم وتمشي بخطى واثقة لاتهتز ولاتتأثر بثرثرة من حولك ، فإن ذلك يتطلب التخطيط الجيد والتنفيذ الفعّال، والتكيف مع التغيرات والاستمرار في التركيز على الأهداف، مع الحفاظ على القيم والمبادئ التي توجه مساره.
أيْقنتُ مؤخراً بأن الإبتعاد عن الصخب والقيل والقال عن عامة الناس وخاصتها هو الأجمل لصحة قلبك وراحة عقلك في التفكير في امور ماهي إلا تفاهات الماضي وفلوله.
وهنا فإنك بحاجه إلى الموازنة بين الانفتاح على الآخرين وإقامة علاقات إيجابية، وبين الحفاظ على مساحتك الشخصية وحماية خصوصيتك . كما يجب أن تعرف متى تكون مرنًا ومنفتحًا ومتى تكون حازمًا وواضحًا في وضع الحدود، مما يُمكِنُك من إقامة علاقات صحية ومستدامة مع من حولك وبلأخص ذوي القربى..
ولنا في قصة يوسف عليه السلام كما ذكرها الله -تعالى- في القرآن الكريم العضة والعبرة لكي نتفنن في وضع الحدود والإلتزام بها .
وفيها من العبر والفوائد ما لا يعد ولا يحصى، وبدأت قصة يوسف في القرآن الكريم برؤيا قصَّها على أبيه، حيث قال له أنه رأى في المنام أحد عشر كوكباً والشمس والقمر ساجدين له
وقال له يعقوب ألا يقص رؤياه على إخوته حتى لا يكيدوا له، ومن هنا يتبين لنا أمران؛ الأول أن يعقوب -عليه السلام- قد آتاه الله علم تعبير الرؤى، فعلم أن تأويل رؤيا يوسف دلالة على أنه سيكون له شأن عظيم عندما يكبر.
والثاني أن يعقوب يعلم أن إخوة يوسف لا يتمنون له الخير لما قد يكون بين بعض الإخوة من مشاعر الغيرة والحسد وغيرها..
ويبدو أن إخوة يوسف علموا بطريقة ما بأمر الرؤيا، وعلموا أن يوسف سيكون له شأن عندما يكبر فاجتمعوا فيما بينهم يتباحثون أمره، وأجمعوا على أن أباهم يحب يوسف أكثر منهم وأنه مخطئ في هذا ولا بد من أن يتخذوا قراراً بشأن يوسف حتى يستأثروا بأبيهم وينسى أمره.
وقال بعضهم نقتل يوسف ثم نتوب بعدها إلى الله، واقترح أحد إخوته ويبدو أنه كان ضد مخططهم ألا يقتلوا يوسف بل أن يقوموا بإلقائه في بئر عميق فيجده بعض المسافرين ويأخذوه معهم إلى منطقة بعيدة، وبذلك يكونون قد تخلصوا منه دون أن يرتكبوا جريمة!
حسم إخوة يوسف أمرهم وقرروا إلقاءه في البئر، وذهبوا إلى أبيهم ليقنعوه أن يأخذوا يوسف معهم للرعي حتى يلعب ويستمتع بوقته، فقال لهم: إنه يخاف أن يأكله الذئب إذا غفلوا عنه، ووعدوه بأن يهتموا به ولا يسمحوا لمكروه أن يصيبه، ولما أخذوه نفذوا مخططهم فألقوه في البئر.
وعادوا لأبيهم بقميصه وقد وضعوا عليه دم شاة وادعوا أن الذئب قد أكله بينما هم يتسابقون، فتيقن يعقوب -عليه السلام- أنها مكيدة منهم فصبر واحتسب أمره إلى الله -تعالى.
أن كان ذلك قد حدث مع أنبياء ورسل
أفلا يحدث معنا نحن سائر البشر!
افرض الحدود وبن الجسور حتى ولو كان ذلك على اكثر الناس منك قربةً..
واخيراً وكما قال: محمود درويش
اشرب قهوتك واعتنق الصمت ..
ولا تأخذ الناس على محمل الجد!
لا تأخذ الحياة على عاتقك ..
ولاتبالغ في عاطفتك ..
ولاتُرضي أحدًا رغمًا عنك!
كتبه/ حصة الزهراني
ماجستير وظيفي في العلاقات العامة والإتصال المؤسسي- وزارة التعليم
التعليقات 8
8 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
العنود الشيباني
08/06/2024 في 2:06 م[3] رابط التعليق
مقال جميل ولمس قلبي حقيقه لابد وضع الجسور وعدم الثقه الزائدة في الاخرين ، دمتى بود
(0)
(0)
عايشة آل سليم
08/06/2024 في 2:29 م[3] رابط التعليق
إن قلت شكراً فشكراً لن توفيك حقاً سعيك فكان السعي مشكوراً إن جف حبري عن التعبير يكتبكم قلب به صفاء الحبّ تعبيراً. تتسابق الكلمات وتتزاحم العبارات لتنظم عقد الشكر الذي لايستحقه إلا أنت استاذة (حصة)إليك يا من كتبتِ موضوعاً نعاني منه بمجتمعنا سواءً على صعيد الاقارب او مجتمع العمل عبرتي عما بداخلنا لامستي ما نشعر به للأسف بوقتنا هذا ..أُهدي عبارات الشكر والتّقدير.
(0)
(0)
منى مرعي
08/06/2024 في 3:08 م[3] رابط التعليق
سلمت يمناك 👍🏻👏🏻👏🏻👏🏻
(0)
(0)
ابو فارس
08/06/2024 في 6:35 م[3] رابط التعليق
مقال جدا رائع تسلم يمينك استاذه حصه والى الامام👍
(0)
(0)
حصة الزيادي
08/06/2024 في 7:03 م[3] رابط التعليق
كلماتك دائما تلامس القلب♥️
(0)
(0)
متذوق للقراءة
08/06/2024 في 7:51 م[3] رابط التعليق
كم نعاني في حياتنا من أشخاص اخذو كامل الاهتمام منا حتى اصبحنا مثل الشمع نحرق انفسنا لننير لهم الدروب ثم نجد منهم الاذى والنكران وخيبات الأمل فحينها لايوجد لدينا إلا ان نضع الحدود …ولاكن بعد فوات الأوان
ابدعتي استاذه حصه حروفك من ذهب .
(0)
(0)
نوره السبيعي
08/06/2024 في 8:36 م[3] رابط التعليق
فعلا اشرب قهوتك واعتنق الصمت
يالا روعتك ياحصه وحسن توضيف مفرداتك. نتطلع للمزيد من الابداع.
(0)
(0)
د.صالح الحريري
08/06/2024 في 10:37 م[3] رابط التعليق
مقال جميل وهادف ويعالج قضيه ابديه روعموما . الإنسان من دون صداقة كالشجرة من دون بذور، وكالمحرك من دون طاقة.ولا تحلوا الحياه بدون صديق يكون مستودع الاسرار ومكان لتنفيس الهموم
(0)
(0)