[SIZE=4][B]
عند الحديث عن النمط اليومي الحياتي المتكرر كمسار واع لا يعني أبدا أن للإنسان إرادة حرة بدرجة المطلق في تنفيذ ما هو محسوب ومبرمج بالعقل سلفاً وحين يفرط العقل ويغلو في عقلانيته تجاه ذلك أمكن إدانته في تجاوز خصوصية إنتاج المعرفة والخوض في مجال النمط الحياتي اليومي الذي لا تنافى معه حضور الخيال والوهم والعاطفة والانفعال والعادة والطقوس والقنوط والضحك والترفيه ولو بحثنا في العلاقة بين الترفيه والعمل لوجدناها علاقة تبادلية يتم بموجبها النضج والإيجابية والإنتاجية في العمل مقابل نضج وإيجابية البعد الترفيهي فالإنسان بطبعه يأنس ويستريح ويستمتع حين يتصرف أثناء تأديته عمله بطريقته الخاصة دون برمجة فارضة أو حسب ما تفرضه طريقة أو قناعة أحد هم عليه وحتى تصبح الحياة اليومية فعلا وليست ردةً للفعل أو مجرد انفعال فإن الأهمية القصوى للحياة اليومية تبرز لشرائح اجتماعية محددة أكثر من غيرها كالمثقفين و المالكين لرأسمال و الساسة وراسمي التخطيط في المجتمع أياً كان ذلك المجتمع لا لتفضيلهم ولا وصايتهم على باقي الطبقات من عاملين وكادحين وطلاب جامعات أوحىت تلاميذ في مراحل التعليم العام وكذلك ربات البيوت الغير عاملات ولكن نتيجة مسؤوليتهم وقدرتهم في تلقيح ماهر يومي مع ما يوائمه من فكر نقدي هادف للمساهمة في إزاحة الستائر عن الواقع الحياتي لكل تلك الطبقات ومن جهة أخرى كون المثقفين والساسة وأصحاب المال يشكلون نخب هامة جدا في علاقتها مع فئات اجتماعية جد حساسة كالباحثين عن العمل والمبدعين من أصحاب الشهادات والمواهب والابتكارات من خلال النظر لهم كقيمة نموذجية وكقدوة حسنة يمكن أن يتبنى بعضهم تلك المبتكرات وتقديمها كمنجز للمجتمع وللمبدع أحدكم قد يتساءل ما علاقة كل ذلك بمجتمعنا وبواقعنا اليومي الذي تدور بنا دواليبه بشكل مقرور لا مبرر له والفائدة تنجز منه ابتداء بالنخب وأصحاب المال وحتى من يرسم خطط المجتمع أقول له قبل ما يقرب من العشرين عام كان الفراغ يشغل وقت ما يقرب من 70% من وقت معظم الأسر السعودية كمثال الأب والأبناء في المدارس حتى تنتهي المرحلة الثانوية ثم ينظم جل الإناث إلى دائرة الفراغ إياه أما في الوقت الحاضر فالكثير منهن بحكم وجود الجامعات في كثير من مدن الأطراف يذهبن صباحا ولا يعدن حتى المساء وبعد إكمال مهامهن الدراسية يصبحن عاملات إذن هنا الفرق الجميع يخرجون من المنزل صباحاً الرجل والمرأة والأطفال والشباب وعليه أصبح الوضع الراهن لمجتمعنا مختلفاً و مشابهاً ولو لحد ما إلى المجتمع المهيكل أو المجتمع الحديث الذي أفرز آليات لتنظيم وقت الفراغ بل للتحكم فيه وتوجيهه إذ بإمكان الأم والطفل والفتاه والشاب والأب أن يجد عملا أو أن يجد ضالته في الانضمام إلى دورة في تطوير الذات أو إبراز الذات من خلال عمل خيري أو أنساني أو تطوعي فالعديد من تلك الأعمال رغم براءتها نافعة ً وخيّره بل منها ما لا يمكن تجاهل أهميته الاجتماعية كالمعارض الفنية واللقاءات الثقافية التي تلتقي كلها في كونها توجه للتحكم في وقت فراغ العامل والموظف والتاجر والطالب في حين كان السائد خلال الوقت الذي أشرت له أن المقهى وحده صاحب الحضور الأكثر في كل المجتمعات العربية ثم كسرت حكره الأنثى لتشارك الرجل في حضور المقهى لقتل الفراغ أذكر أنني قرأت مرة ما فعلته الحكومة الصينية إبان الستينات والسبعينات حين كانت الحياة اليومية للفلاحين بالريف الصيني تشبه الفراغ التام وما ينتج عن ذلك النمط من تضخم للنقاشات السياسية العقيمة والانتقادات اللاذعة من أناس عاطلين وما سببه الحضور المكثف للرجل في البيت من مشاكل وما ترتب عليها من آثار على العلاقة بين الرجل والمرأة الأطفال حيث قامت الحكومة بتزويد البادية والأرياف بالماء وهو بلا شك مفتاح الاقتصاد القروي حيث بدّل الفراغ الذي كان سائدا قبل مجيء الماء و تحولت معه الحياة اليومية بعد تزويد هم بالماء إلى نشاط دائم بات معه وقت الفراغ مطلبا ليجدوه في العديد من الحالات فالوقت أصبح موزعا بين تصريف مياه السقي وتقديم الأعلاف للمواشي ثم تنظيف الإسطبلات ثم إعادة روثها إلى المزارع ثم الحرث ثم سقى المزارع ثم جمع المحاصيل فالحرث ثانية وهكذا وجدت التنمية حين قتل الفراغ وهذا النمط هو سماكان عليه آباءنا وأجدادنا وأمهاتنا تماماً رحم الله من مات منهم وأبقى الحي على صحته إنه النمط الريفي الصيني ذاته إلا أن أجدادنا لم يخوضوا في السياسة حينها لعدم وجودها في حين كانت سياستهم كيف لا يكون لدى فراغ حتى لا أموت واسألوا الأستاذ الكريم محمد بن على الكدم فهو أعرف بما كانوا عليه أجدادنا.
[/B][/SIZE]
اسألوا محمد علي الكدم
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://alraynews.net/articles/3382.htm